أثر النزاع في رأس المال االجتماعي التصدع االجتماعي في سوريا

Transcript

1 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي التصدع االجتماعي في سوريا

2 صورة الغالف: صورة للمصور أديب السيد. حقوق النشر 2017 المركز السوري لبحوث السياسات دمشق سوريا بيان مسؤولية: اآلراء المعروضة في هذا البحث ال تعبر بالضرورة عن رأي مؤسسة فريدريش إيبرت.

3 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 3 فريق العمل الباحثون: راميا اسماعيل جاد الكريم جباعي زكي محشي ربيع نصر المراجعون: ساري حنفي نبيل مرزوق ريم تركماني تنسيق إداري: مؤسسة فريدريش إيبرت وريما دالي من المركز السوري لبحوث السياسات الترجمة: ياسر الزيات اإلخراج والتصميم: شركة راسل دبي اإلمارات

4 المركز السوري لبحوث السياسات 4 كلمة شكر يتقدم فريق العمل في المركز السوري لبحوث السياسات بالشكر الجزيل لكل من ساهم في تنفيذ هذا العمل البحثي. ونشكر مؤسسة فريدريش إيبرت التي ساهمت في تمويل البحث ودعم األنشطة المرافقة له. كما يتقدم المركز بالشكر الجزيل للخبراء الذين شاركوا في ورشة العمل الفنية حول منهجية البحث ونخص بالشكر مي ة الرحبي وعارف دليلة وسمير العيطة وريما ماجد وخضر زكريا وأحمد بعلبكي وسالم سعيد وآسيا الميهي وجهاد يازجي حيث ساهمت المناقشات المعمقة خالل الورشة في تطوير البحث واقتراح أسئلة هامة للبحوث المستقبلية. ولم يكن لهذا البحث أن يتم لوال الجهود االستثنائية التي بذلها فريق مسح حالة السكان في سوريا والدور الرئيسي لمديره الفني علي رستم حيث تم تصميم المسح وتنفيذه بما يحقق هدف دراسة رأس المال االجتماعي في إطار تنموي وفي مرحلة استثنائية في أثناء النزاع.

5 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 5 فهرس المحتويات ملخص تنفيذي 6 المقدمة 9 أهداف ومجال البحث 10 محددات البحث 11 الفصل األول: مراجعة األدبيات ومنهجية قياس رأس المال االجتماعي 12 أوال : مراجعة األدبيات 14 بدايات تشكل المفهوم )بورديو كولمان بوتنام( 14 مقاربة مفاهيمية 17 ثانيا : منهجية دليل رأس المال االجتماعي 19 التعريف اإلجرائي 19 المنهجية 19 بناء دليل رأس المال االجتماعي 20 الفصل الثاني: خصائص مؤشرات رأس المال االجتماعي 24 أوال : الشبكات والمشاركة المجتمعية 27 المشاركة في اتخاذ القرار 27 التعاون لتجاوز المشاكل 29 العمل التطوعي 32 مشاركة المرأة 34 دليل الشبكات والمشاركة المجتمعية 35 ثانيا : الثقة المجتمعية 40 الثقة بين األفراد 40 الشعور باألمان 42 دليل الثقة المجتمعية 44 ثالثا : القيم والتوجهات المشتركة 48 االتفاق على رؤية للمنطقة 49 االتفاق على رؤية على المستوى الوطني 50 مكانة المرأة في المجتمع 51 دليل القيم والتوجهات المشتركة 52 رابعا : دليل رأس المال االجتماعي 57 الفصل الثالث: محددات رأس المال االجتماعي في سوريا )دراسة قياسية( 61 أوال : المنهجية والنموذج الرياضي 64 ثانيا : تحليل النتائج 65 الفصل الرابع: البدائل والسياسات المقترحة 68 أوال : العدالة وتفكيك مقومات العنف كمنطلق للحل 70 ثانيا : التوصيات والبدائل 74 الشبكات والعالقات االجتماعية 75 الثقة المجتمعية 77 القيم واالتجاهات المشتركة 78 الخاتمة 80 المراجع 82 اللغة العربية 83 اللغة االنكليزية 83 المالحق 89 ملحق )1(: المسح الميداني لحالة السكان 90 منهجية المسح الميداني 90 فريق العمل في المسح 91 أدوات المسح 92 تنفيذ العمل الميداني 92 ملحق )2(: دليل رأس المال االجتماعي ومكوناته حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( 96 ملحق )3(: مكون الشبكات والمشاركة المجتمعية حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( 97 ملحق )4(: مكون الثقة حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( 98 ملحق )5(: مكون القيم والعادات حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( 99

6 المركز السوري لبحوث السياسات 6 ملخص تنفيذي يشخص التقرير أثر النزاع المسلح في سوريا على العالقات االجتماعية من خالل استخدام مفهوم رأس المال االجتماعي مدخال لتحليل الجوانب المختلفة المتعلقة بالعالقات االجتماعية كالثقة والتعاون والقيم المشتركة. يطور البحث دليال لقياس رأس المال االجتماعي بناء على مناقشة نقدية للمفهوم واستنادا إلى مسح ميداني متعدد األغراض يتضمن مؤشرات كمية ونوعية لمرحلتي ما قبل األزمة وأثنائها. ويساعد تحليل هذا الدليل عبر الزمن والمناطق وتفصيل مكوناته ودراسة محدداته في فهم حالة التصدع االجتماعي في سوريا نتيجة استمرار األزمة التي تعتبر واحدة من أسوأ الكوارث اإلنسانية منذ الحرب العالمية الثانية والتي تحولت من حراك مجتمعي ينادي بالحرية والكرامة والعدالة االجتماعية إلى نزاع مسلح بفعل قوى االستبداد والتطرف. 1. يتبنى البحث تعريفا إجرائيا لرأس المال االجتماعي على أنه ما تم تراكمه في مجتمع ما أفرادا وجماعات ومؤسسات من قيم وروابط وشبكات اجتماعية مبنية على الثقة المتبادلة بين أفراده وجماعاته ومؤثرة ومتأثرة بالمؤسسات المجتمعية الناظمة للحياة العامة التي تسهل التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع وترسخ أسس التماسك واالندماج االجتماعي وتعمل بشكل حثيث لخلق اإلنسان الحر والواعي والمنتج والقادر على خدمة الصالح العام. حيث يعد رأس المال االجتماعي رأس المال االجتماعي جزءا رئيسيا من ثروة ومقومات المجتمع التي تنعكس إيجابا على نوعية حياة أفراده. 2. وقد تم تطوير دليل لرأس المال االجتماعي في سوريا بناء على مسح حالة السكان للعام 2014 الذي شمل مقابلة حوالى 2100 شخص مفتاحي ويتضمن الدليل ثالثة مكونات: األول هو العالقات والشبكات االجتماعية مقاسا من خالل أربع مؤشرات أساسية هي المشاركة في اتخاذ القرار العام والعمل التطوعي والتعاون لحل المشاكل ومشاركة المرأة والثاني هو الثقة المجتمعية ويتم قياسه من خالل مؤشرين أساسيين هما الثقة بين األفراد ومدى الشعور باألمان والثالث هو القيم والتوجهات أو التفاهمات المشتركة ويتم قياسه من خالل درجة التوافق بين أبناء المجتمع على رؤية مشتركة للمنطقة ودرجة التوافق بينهم على رؤية مشتركة على المستوى الوطني إضافة إلى مكانة المرأة في المجتمع. علما بأن وحدة التحليل هي المجتمع المحلي إذ استخدم المسح منهجية مركبة لتناسب ظروف النزاع والمبنية على دراسة على مستوى المناطق المدروسة التي غطت سوريا بالكامل. 3. ي ظهر البحث أن دليل رأس المال االجتماعي المركب في سوريا تراجع حوالى % 30 أثناء األزمة مقارنة بما قبلها ونتج هذا االنخفاض من تراجع واضح في مكونات الدليل الثالثة ولكن بدرجات مختلفة إذ يسهم مكون الثقة المجتمعية ب 58% في تراجع دليل رأس المال االجتماعي بينما يسهم مكوني القيم والشبكات في هذا التراجع بنسب تبلغ 22% و 20% على التوالي. وي الحظ أن أكثر المحافظات التي تراجع فيها دليل رأس المال االجتماعي هي المحافظات التي تضررت بشكل واسع من الحرب واألعمال القتالية واالستقطاب وبلغ االنخفاض أقصاها في الرقة )80%( تليها الحسكة )52%( وإدلب )47%( بينما بلغ هذا التراجع أدناه في طرطوس بحدود 5% وفي دمشق بأقل من 10% إذ تتميز هذه المناطق بتعرضها لمستويات أقل من الدمار نتيجة النزاع. 30% نسبة تراجع دليل رأس المال االجتماعي المركب في سوريا

7 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 7 نتج هذا التدهور في دليل الثقة من انهيار الشعور باألمان بالدرجة األولى والذي شهد انخفاضا على مستوى سوريا بلغ حدود ال 59% 4. تشير النتائج إلى تراجع دليل مكون الشبكات والمشاركة االجتماعية وكانت الرقة من أكثر المحافظات تضررا باألزمة تليها إدلب والحسكة ودير الزور والتي تعرضت كل منها لعمليات تهجير وأعمال قتالية واسعة مما أثر سلبا على البنية المجتمعية في هذه المناطق وأدى إلى شروخ حادة في العالقات االجتماعية. ساهم االستبداد السياسي والتطرف وانتشار مظاهر العنف واالستغالل في تهميش مشاركة المرأة االجتماعية على الرغم من أن دورها ازداد أثناء األزمة في حمل عبء األسر ومساعدة المتضررين من خالل المساهمة في مبادرات وتنظيمات مدنية في العديد من المناطق. كما ي الحظ أن المشاركة في اتخاذ القرار العام كانت متدنية قبل 2011 وتدهورت بشكل حاد في أثناء األزمة وخاصة في مناطق النزاع حيث استبدلت القوى العسكرية واألمنية إمكانيات المشاركة الفعالة بالحكم التسلطي وإخضاع السكان. وبالنسبة للتعاون أدت األزمة إلى تراجع حاد في التعاون بين األفراد لحل مشكالتهم في الكثير من المناطق نتيجة عدة عوامل أهمها انتشار وسيطرة القوى المسلحة واألمنية والتي اخترقت المجتمع وفرضت نظم مبنية على الخوف واإلخضاع وكراهية اآلخر. وأخذ المواطنون يتجنبون القضاء الرسمي ويتجهون للشخصيات النافذة مجتمعيا واألجهزة األمنية ورجال الدين على التوالي لحل مشاكلهم. أما المشاركة في األعمال التطوعية فت ظهر النتائج ازديادها داخل المناطق اآلمنة نسبيا مثل طرطوس ودمشق وتدهورها في الرقة ودرعا وريف دمشق التي تعرض الكثير من مناطقها إلى التدمير والحصار والعمليات القتالية لكن ذلك لم يمنع من نشوء العديد من المبادرات الطوعية اإلنسانية والخالقة لمساعدة المجتمعات المتضررة من العنف بالرغم من المخاطر المرتبطة بهذه المبادرات. 5. وي بين البحث أن مكون الثقة المجتمعية في سوريا كان األكثر تراجعا مقارنة ببيقة المكونات فبالمقارنة مع فترة ما قبل األزمة انخفض هذا الدليل بحوالى 47% وأظهرت النتائج تباينا كبيرا بين المحافظات في مستوى الثقة المجتمعية وخاصة أثناء األزمة مع انتشار الخطاب العصبوي واالستقطاب الحاد وبلغ االنخفاض في مكون الثقة المجتمعية أعاله في المناطق المحاصرة أو التي شهدت توترا أوقتاال أو دمارا واسعا مثل محافظة الرقة تليها الحسكة إدلب ودير الزور وحلب. ونتج هذا التدهور في دليل الثقة من انهيار الشعور باألمان بالدرجة األولى والذي شهد انخفاضا على مستوى سوريا بلغ حدود ال 59% نتيجة مجموعة من العوامل المرتبطة بالعنف كالقصف والقتل والخطف واالعتقال العشوائي كما ساهم في هذا التدهور اتساع الحرمان والفقر وتدهور سبل المعيشة وانتشار اقتصاديات العنف والتهجير القسري والفساد وانشار ثقافة الخوف. كما انخفض مؤشر الثقة المتبادلة بين األفراد بحوالى 31% األمر الذي ي مكن تفسيره بغياب سلطة القانون واالقتتال المسلح واألوضاع المعيشية الصعبة إضافة إلى حالة االستقطاب الكبيرة في المجتمع نتيجة األزمة. 6. وتراجع مكون القيم والتوجهات المشتركة بشكل ملحوظ أثناء األزمة بلغ حوالى 20%. ونتج هذا االنخفاض من تراجع واضح في مؤشري اإلتفاق على مستقبل المنطقة واإلتفاق على مستقبل سوريا اللذين أسهما في تراجع المكون ب 36% و 35% على التوالي بينما ساهم تراجع مكانة المرأة ب 29%. يشير لبحث إلى زيادة كبيرة في التباين النسبي بين المحافظات السورية أثناء األزمة فيما يتعلق بالقيم والتوجهات المشتركة إذ شهدت الرقة أعلى نسبة انخفاض في هذا المكون ليبلغ 66% تليها محافظة الحسكة بمعدل بلغ حوالى 40% متأثرا بشكل أساسي باختالف الرؤى وبدرجة أقل بمكانة المرأة وبالمقابل شهدت محافظات طرطوس والسويداء والالذقية انخفاضا أقل حدة في هذا المكون.

8 المركز السوري لبحوث السياسات 8 ويشير عدم االتفاق على رؤية لمستقبل المنطقة إلى التفكك االجتماعي على المستوى المحلي وأسهم في هذا االختالف العديد من العوامل مثل الفوضى وتباين اآلراء السياسية وغياب المجالس المنتخبة التمثيلية والتشاركية واالستقطاب االجتماعي والهوياتي باإلضافة إلى االختالف على كيفية الخروج من األزمة. وأسهمت هذه المحددات إلى حد كبير في عدم االتفاق على مستقبل سوريا موضحة درجة التشظي االجتماعي على المستوى الوطني. لقد خربت القوى المسلحة القيم المشتركة وعززت أشكال مختلفة من الحكم المستبد من الخالفة إلى األنظمة التسلطية في المناطق التي تسيطر عليها. لقد استخدمت قوى التسلط وسائل مختلفة بما فيها اإلعالم للتأثير سلبا على رؤية المواطنين للمستقبل بما يمهد للخضوع للمستبد وكراهية اآلخر. لقد فاقم النزاع تدهور مكانة المرأة في المجتمع مع تعزيز النظام األبوي وتعرضت النساء لهجمات مسلحة واالغتصاب والعمل القسري وزيادة مسؤولياتها االقتصادية خاصة لألسر النازحة واألرامل. كما توسعت ظواهر مثل زواج القصر واالتجار بالبشر. 7. تشير نتائج البحث في محددات رأس المال االجتماعي إلى األثر السلبي للعنف المباشر متمثال في النزوح واالنخراط في العمل العنفي وأداء المؤسسات التمييزي بين المواطنين على رأس المال االجتماعي الواصل والتجسيري المبني على العالقات العابرة للروابط التقليدية والمتمثلة في مكون الشبكات وهو المكون الحاسم في بناء عالقات مدينية تسهم في االنسجام االجتماعي وتجاوز العنف وحل الخالفات بطرق سلمية. كما ت ظهر النتائج أن المؤشرات التنموية كالصحة والتعليم والعمل ترتبط بقوة مع مكون القيم واالتجاهات المشتركة أي أن المؤشرات غير المرتبطة بشكل مباشر مع العنف تؤثر في الجانب اإلدراكي المتعلق بالرؤية المشتركة للمجتمع المحلي والوطن وتشكل عوامل هامة في بناء العقد االجتماعي المستقبلي لذلك تبرز في هذا الجانب أهمية االستثمار في التنمية التضمينية كأحد المسارات الرئيسية للتحضير لبيئة محفزة للتقارب المجتمعي. كما يظهر البحث أن االنخراط في العنف والوفيات الناجمة عن األزمة تشكل العوامل الرئيسية المرتبطة باألمان بينما تتأثر الثقة بين األفراد إضافة إلى االنخراط في العنف بكل من المؤسسات التمييزية والنزوح وفقدان فرص العمل. 8. ويقدم التقرير مقاربة سياساتية بناء على تحليل رأس المال االجتماعي في سوريا والضرر الذي أصابه نتيجة النزاع المسلح. وتنطلق هذه المقاربة من فكرة العدالة ووقف العنف كمدخل أساسي لوقف نزيف رأس المال االجتماعي الذي أسهم به هذا العنف على المستوى المحلي والوطني. كما وضع البحث تصورا للخطوات التي يمكن أن تعيد اإلنسجام االجتماعي آخذين بعين االعتبار المواطنين السوريين في الداخل والخارج. وذلك باالستناد إلى إحياء سياسة اجتماعية تتعلق بمكونات رأس المال االجتماعي ويسهم في تشكليها مختلف الفاعلين وتهدف إلى خدمة الصالح العام. 9. إن السياسة االجتماعية المطلوبة لتحقيق التنمية االجتماعية التضمينية تصبو إلى تحقيق العدالة االجتماعية كهدف بعيد األجل وذلك عبر أهداف فرعية تتمثل في تأمين سبل العيش الالئقة والمستدامة واإلندماج االجتماعي والحق في المشاركة والتعبير والمساءلة العامة. وتتضمن السياسة االجتماعية البديلة تجاوز االقصاء والتهميش والتفاوت التي اتسمت بها سياسات ما قبل األزمة ومواجهة اآلثار الكارثية للنزاع من تدمير وتشظ اجتماعي وتوسع في اقتصاديات الحرب وتشتت للسكان وتفكيك مؤسسات التسلط لتحقيق العدالة خاصة لمتضرري النزاع. تشير نتائج البحث في محددات رأس المال االجتماعي إلى األثر السلبي للعنف المباشر متمثال في النزوح واالنخراط في العمل العنفي وأداء المؤسسات التمييزي بين المواطنين على رأس المال االجتماعي الواصل والتجسيري

9 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 9 المقدمة عبر الح راك المجتمعي الذي انطلق في 2011 والذي نادى بالحرية والكرامة والعدالة االجتماعية عن االختناق الكبير الذي وصل إليه المجتمع في مختلف جوانب التنمية المؤسساتية واالقتصادية واالجتماعية والذي عكس بدوره التناقض الحاد بين المؤسسات القائمة وما يصبو إليه المجتمع. ولعبت قوى التسلط المحلية المتمثلة في االستبداد السياسي والعصبيات والتطرف وقوى التسلط الخارجية أيضا دورا حاسما في عسكرة النزاع واستغالل العنف الدامي واالستثمار في تسييس الهوية واقتصاديات الحرب )المركز السوري لبحوث السياسات 2016(. تعد األزمة السورية واحدة من أسوأ الكوارث اإلنسانية منذ الحرب العالمية الثانية من حيث كثافة القتال ونتائجه الكارثية على المستوى اإلنساني واالجتماعي والمادي. تجاوز النزاع الست سنوات من دون التوصل إلى حلول إنسانية أو تسوية سياسية وشارك في استمراره وتسعيره العديد من األطراف المحلية واإلقليمية والعالمية في حروب على جبهات متعددة است خدم فيها كل أنواع األسلحة بما فيها المحظور دوليا وإنسانيا. كما اتسم النزاع بانتهاكات متكررة لحقوق اإلنسان من قتل وتعذيب ونهب واعتقال وترهيب وتهجير قسري ترافق مع تدمير وحصار للمدن من دون أي ضمانات لحق الحماية اإلنسانية. من أخطر ما شهده النزاع على المستوى االجتماعي هو النزاع على الهوية والتحريض على قتل واستباحة اآلخر مما طغى على األهداف النبيلة في الحرية والكرامة والعدالة لتسود ثقافة عبثية تخدم استمرار القتال وسط تشظ حاد بين القوى المتنازعة. ساهمت المأساة السورية والعنف المستشري في البالد إلى تحول مؤسساتي مدمر قادته قوى التسلط المتصارعة وأنتج مؤسسات جديدة تعمل في خدمة اقتصاديات العنف المحلية منها والعابرة للحدود والتي زادت من معاناة السوريين وجي رت الموارد والسلطة لصالح أمراء الحرب. كما أسفرت المواجهات المسلحة في سوريا إلى قتل وجرح مئات اآلالف من األشخاص أطفاال ونساء وشباب وكبار السن إضافة إلى الماليين من النازحين والمهجرين وتعرض اآلالف لالعتقال والخطف والتعذيب وفقدت األسر السورية معيليها ومنتجيها وال سيما الشباب ووصلت البالد إلى أدنى حدود األمان والحياة المعيشية الالئقة. وأدت المعدالت المرتفعة من النزوح واللجوء والهجرة إلى تغيرات في بنية المجتمع واألسر وتفكك في العالقات والروابط المجتمعية ترافق ذلك مع فقدان القدرات وامتهان الكرامة والرزوح تحت هاجس الفاقة والفقر وخطر يتهدد الحياة مما أدى إلى انهيار الثقة المجتمعية والشعور باألمان. كما فقد النازحون والالجئون ممتلكاتهم ومواردهم ومصدر أرزاقهم ولم يتمكن بعضهم من حمل أوراقهم الثبوتية والشخصية. وح رم معظم الالجئين من ظروف الحياة الالئقة واعتمدوا بشكل كبير على المساعدات اإلنسانية الدولية والمحلية ما ترك آثاره النفسية واالجتماعية عليهم وعلى عالقتهم بالمجتمع المضيف لقد ساهم كل ذلك في تشكل مجتمعات وعالقات اجتماعية وقيم "جديدة" )المركز السوري لبحوث السياسات 2016(. أدت المعدالت المرتفعة من النزوح واللجوء والهجرة إلى تغيرات في بنية المجتمع واألسر وتفكك في العالقات والروابط المجتمعية

10 المركز السوري لبحوث السياسات 10 تعرض رأس المال االجتماعي من جراء ذلك لتدهور كبير تجلى في تفكك الروابط والشبكات االجتماعية نتيجة لالستقطاب الحاد وانتشار شتى أنواع العصبيات الدينية والمذهبية والقومية والعرقية واأليدلوجية كما تراجعت الثقة المجتمعية إلى مستويات متدنية في مختلف مضامينها سواء على مستوى الثقة بين األفراد أو مستوى الشعور باألمان نتيجة مظاهر الخطف واالعتقال واالختفاء القسري وتفشي الجريمة من سرقة وقتل ونهب واستغالل األطفال والنساء وتصاعد األعمال القتالية أو على مستوى الثقة بالمؤسسات. وانعكس ذلك على الخالف الكبير بين األفراد والجماعات على القيم والتفاهمات المشتركة والرؤى المستقبلية على المستويين المحلي والوطني والذي ترافق بترد في مكانة المرأة ومشاركتها في الحياة االجتماعية مقارنة بالفترة التي سبقت األزمة. ترافق ذلك مع تدهور حاد في رأس المال البشري على مستويات الصحة التعليم والتأهيل وبناء القدرات وتراجع في مستوى المعيشة الذي تأثر بتصاعد العنف وشيوع الفوضى وتضاعف األسعار خالل سنوات النزاع الطويلة. أهداف ومجال البحث يسعى البحث إلى تشخيص أثر النزاع المسلح في العالقات االجتماعية في ظل اآلثار المدمرة التي أدت إلى إعادة تشكل التجمعات السكانية المحلية مكانيا واقتصاديا واجتماعيا داخل سوريا وخارجها. وفي هذا المجال تم اختيار مفهوم رأس المال االجتماعي مدخال لتحليل الجوانب المختلفة المتعلقة بالعالقات االجتماعية كالثقة والتعاون والقيم المشتركة. وتأتي أهمية هذا البحث من مناقشته النقدية لمفهوم رأس المال االجتماعي ومحاولة تطوير دليل لقياسه واالستناد إلى مسح ميداني يتضمن مؤشرات كمية ونوعية لتحليل رأس المال االجتماعي قبل األزمة وفي أثنائها للوصول إلى فهم معمق ألثر األزمة عليه األمر الذي يتطلب تحديد دليل لرأس المال االجتماعي يقيس التغيرات عبر الزمن والتفاوت الجغرافي بين المناطق المختلفة وتفصيل مكوناته لكي يتم تشخيص االختالالت واإليجابيات االجتماعية التي نشأت نتيجة األزمة. إن تحليل المؤشر المركب لرأس المال االجتماعي يزود صانعي السياسات والمختصين والفاعلين األساسيين والرأي العام بصورة أولية ومكثفة عن الحالة االجتماعية في ظل العنف المسلح. في هذا السياق يقوم البحث بتقديم تعريف إجرائي لرأس المال االجتماعي بناء على المراجعة النقدية لألدبيات وتعريف كل مكون من مكوناته في السياق السوري. كما يقدم دراسة تفصيلية للمكونات الفرعية لدليل رأس المال االجتماعي ومنهجية بنائها واختيار المؤشرات التفصيلية. ويركز البحث على دراسة محددات رأس المال االجتماعي باستخدام النماذج القياسية واألهمية النسبية لكل من هذه المحددات في ظل العنف المسلح. وأخيرا يقدم البحث مجموعة من التوصيات والبدائل المبنية على نتائج التحليل لتجاوز أثر األزمة على رأس المال االجتماعي. إن النتائج التي وصل إليها البحث تعكس اإلشكالية الكبيرة في فهم رأس المال االجتماعي وأبعاده وعالقته بالمتغيرات االقتصادية واالجتماعية والسياسية. وهي تمثل نقطة البداية نحو المزيد من التعمق في دراسة رأس المال االجتماعي وترابطاته في سوريا ودوره المحوري أثناء النزاع وما بعده في الكثير من القضايا السياسية واالجتماعية واالقتصادية ألهميته الحاسمة في فهم كيفية رأب التصدعات اإلنسانية الكبيرة التي لحقت بالمجتمع السوري وفي تطوير األدوات الالزمة لبناء التضامن المجتمعي بين السوريين في الداخل والخارج والمشاركة في بناء عقد اجتماعي جديد يضمن استقرار المجتمع والدولة. يقدم الفصل األول من البحث إشكالية مفهوم رأس المال االجتماعي والمدارس المختلفة التي اهتمت بتعريفه ومراجعة ألهم األدبيات والدراسات التي حاولت قياسه. ويتابع الفصل نفسه تأطير مجال البحث وشرح المنهجية التي عمل بها للوصول إلى تعريف إجرائي يتناسب مع الحالة السورية الخاصة ويسهل عملية قياس لرأس المال االجتماعي على الرغم من إشكاليات القياس التي تناولتها الكثير من األدبيات في هذا المجال. يركز الفصل الثاني على تحليل نتائج المسح وشرح تفصيلي للمؤشرات يركز البحث على دراسة محددات رأس المال االجتماعي باستخدام النماذج القياسية

11 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 11 الجزئية ودليل رأس المال االجتماعي بينما يتناول الفصل الثالث قراءة في محددات رأس المال االجتماعي المرتبطة بالحالة االقتصادية والمؤسسية وظروف المعيشة والعنف. وأخيرا يعرض الفصل األخير أهم النتائج واالستنتاجات التي توصل إليها البحث ويقدم مجموعة من التوصيات والبدائل التي يمكن أن تعزز رأس المال االجتماعي بما يخدم عملية الخروج من النزاع والنهوض بالمجتمع من تداعيات هذه الكارثة اإلنسانية التي لحقت بسوريا. محددات البحث تم تنفيذ هذا البحث في ظروف النزاع المسلح الذي يؤدي إلى مناخ من الخوف والقلق واالستقطاب والنزوح وعدم االستقرار مما يؤثر بشكل كبير في إمكانية التحقق من دقة البيانات والمسوح المنفذة ومصداقيتها وبالرغم من الجهد الكبير الذي بذل في تصميم المسح وتنفيذه إضافة إلى الطرق المختلفة المبتكرة للتحقق إال أن التعامل مع النتائج بحذر وفق محددات البحث هو قضية في غاية األهمية والتي يوصي بها فريق البحث. إن إشكالية المفهوم المتعلق برأس المال االجتماعي واستخدامه بطرق مختلفة تطلب من فريق البحث تطوير تعريف إجرائي للمفهوم وللمكونات تختص بهذا البحث وال تشمل بالضرورة كل الجوانب االجتماعية الناجمة عن النزاع المسلح. تأتي أهمية هذا البحث من مناقشته النقدية لمفهوم رأس المال االجتماعي ومحاولة تطوير دليل لقياسه واالستناد إلى مسح ميداني يتضمن مؤشرات كمية ونوعية لتحليل رأس المال االجتماعي قبل األزمة وفي أثنائها للوصول إلى فهم معمق ألثر األزمة عليه القيام بمسوح على مستوى األسر في ظل التشتت السكاني والظروف األمنية فقد تم تنفيذ المسح من خالل ثالثة أشخاص مفتاحيين بمواصفات محددة من كل منطقة مدروسة ليصل العدد اإلجمالي إلى حوالى 2100 شخص مفتاحي في جميع مناطق سوريا. وبالرغم من مقاطعة نتائج األشخاص المفتاحيين الثالثة على مستوى المنطقة يبقى هناك إمكانيات للتحيز في التعبير عن طبيعة العالقات االجتماعية بين سكان المنطقة. كما أن السؤال عن فترة ما قبل األزمة قد يحمل تحيزا مرتبطا بفظاعات الحرب وبالتالي المبالغة في إيجابيات الماضي إضافة إلى إمكانية نسيان األوضاع قبل فترة زمنية معينة. وتعتبر محاولة بناء أدلة لقياس المؤشرات النوعية والكمية وتنميطها لظواهر تنموية مختلفة قضية مثار جدل قد تواجه تحفظات تتعلق بالتثقيل والمبالغة بالتبسيط لظواهر معقدة والتحيز في اختيار المؤشرات المكونة للدليل. لكن فريق العمل أكد على أهمية مزايا األدلة ومنها قابليتها للتفكيك حسب المكونات وحسب المناطق وتسليطها الضوء على االختالالت ذات األولوية واستخدامها األداة نفسها لقياس الظواهر االجتماعية في جميع مناطق سوريا واستخدام اختبارات الحساسية. كما أن الدليل يساعد في فهم العالقة بين الظواهر االجتماعية والمحددات االقتصادية والصحية والتعليمية والديمغرافية والمؤسسية. أما المسح الميداني ونظرا لعدم القدرة على وإذ ن ف ذ المسح عام 2014 وفي ظل استمرار النزاع لغاية إعداد هذا البحث فإن تغيرات كبيرة وكارثية غابت عن التحليل لكن البحث يشكل أرضية للقيام بدارسة مماثلة للمقارنة بين 2014 والعام الحالي 2017 على سبيل المثال وفهم الديناميكيات خالل هذه الفترة. وتجدر اإلشارة إلى أن التحليل على المستوى الوطني أو المحلي ال يغني عن دراسات الحالة التفصيلية لكل منطقة حسب أهمية وأولوية البحث أو الظاهرة. كما أنه ال يغني عن دراسات إحصائية على مستوى األفراد واألسر باستخدام العينات اإلحصائية العشوائية وهي الخطوة القادمة من البحث الحالي حيث سيتم التركيز على مناطق معينة إلجراء دراسات حالة.

12 WIKIMEDIA COMMONS/Bo Yaser

13 الفصل األول: مراجعة األدبيات ومنهجية قياس رأس المال االجتماعي

14 المركز السوري لبحوث السياسات أوال : مراجعة األدبيات 14 يثير تعريف رأس المال االجتماعي وقياسه العديد من اإلشكاليات التي تتعلق بالمفهوم ذاته الذي تعدد وتنوع وضاق وتوسع حسب أهداف الدراسات التي اهتمت بهذا المفهوم. كما واجه الباحثون إشكالية في قابلية مفهوم رأس المال االجتماعي للقياس الكمي وإيجاد المنهجية المناسبة لدراسته وإلى أي درجة يمكن للتحليل الكمي ولنتائج المسوح أن تفسر حركة المجتمع وعالقاته. إن أهم مرتكزات رأس المال االجتماعي هي العالقات والشبكات والروابط االجتماعية التي تتميز بديناميكيتها واختالفها وتنوعها من مجتمع آلخر حتى داخل البلد أو المنطقة الواحدة مما يصعب اختزالها وتلخيصها كميا بشكل كامل. ولكن هذا ال ينفي قابلية قياس جوانب مهمة من رأس المال االجتماعي ومكوناته وتحديد عالقته بالمتغيرات المتنوعة. لذلك أكدت معظم الدراسات على ضرورة التوسع في البحوث الميدانية والمقابالت المعمقة مع أصحاب االختصاص وتنظيم العديد من الحوارات المتقدمة لتعميق فكرة رأس المال االجتماعي التي تساعد على فهم المجتمع بكافة طبقاته وجماعاته وأفراده وبالتالي تساعد في البحث عن الطريقة المناسبة لتنشيطه بما يخدم الصالح العام ويساعد المجتمع للخروج من األزمات التي تعصف به. بدايات تشكل المفهوم )بورديو كولمان بوتنام( جذب مفهوم رأس المال االجتماعي العديد من الباحثين حيث تتمثل أهميته في التركيز بشكل أساسي على النواحي اإليجابية من تفاعل أفراد المجتمع وجماعاته فيما بينهم أكثر من االهتمام بالنواحي السلبية. كما يحاول أن يلفت النظر إلى أشكال غير نقدية من رأس المال يمكن أن تكون مصدرا للنفوذ والسلطة من جهة ولكنها أيضا باب جديد إليجاد حلول غير اقتصادية للكثير من المشاكل االجتماعية الراهنة )بورتيس 1998(. وتتضمن أدبيات رأس المال االجتماعي طيف واسع من التعاريف والمفاهيم وطرق القياس وقد ساهمت العديد من الدراسات في تطوير هذا المفهوم عاكسة أهمية المحور االجتماعي في العملية التنموية. إال أن الكثير من الباحثين اعتبروا رأس المال االجتماعي قيمة نهائية بحد ذاته وبذلك ركزت األدبيات بشكل رئيسي على عدد ونوعية معينة من المتغيرات لشرح هذا المفهوم )فاين 2010( دون البحث في دوره التنموي مفاهيميا وتطبيقيا. كما عرفت ماري أوستن عام 1918 رأس المال االجتماعي كمقياس إلمكانيات المجموعة )فار 2007(. انطلق العالم الفرنسي بيير بورديو )1983( من فكرة أن هناك رأسمال غير اقتصادي وقارن رأس المال االجتماعي بأشكال أخرى من رأس المال االقتصادي والثقافي والرمزي. كما قارنه بمفاهيم اجتماعية أخرى كالسلطة ولكنه أكد أن رأس المال االجتماعي يمتلك ميزة فردية يستطيع الفرد حيازتها من خالل "أفعال هادفة" ويستطيع تحويلها إلى مكاسب اقتصادية حسب نوع الروابط والعالقات والشبكات االجتماعية التي يمتلكها هو نفسه وحسب قوة وثبات واستدامة هذه العالقات )نصر وهالل 2007(. بشكل مماثل يقدم غراي بيكر فهما لرأس المال االجتماعي على أنه التفاعالت الفردية العقالنية التي تمتلك القابلية ألن تكون رأسماال اجتماعيا )بيكر 1996 (. من جهة أخرى قد م كولمان بعدا مؤسساتيا لمفهوم رأس المال االجتماعي على أنه خيار عقالني مرتبط مع التنمية االقتصادية وركز تعريفه

15 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 15 إن أهم مرتكزات رأس المال االجتماعي هي العالقات والشبكات والروابط االجتماعية التي تتميز بديناميكيتها واختالفها وتنوعها من مجتمع آلخر حتى داخل البلد أو المنطقة الواحدة مما يصعب اختزالها وتلخيصها كميا بشكل كامل على الثقة بين األفراد وبين األفراد والمؤسسات كمكون هام من مكونات رأس المال االجتماعي والذي يعكس مبدأ المعاملة بالمثل في المجتمع وربطه بالديمقراطية والتنمية االجتماعية. وأكد بشكل واضح في تعريفه لرأس المال االجتماعي أنه مجموعة من الموارد المباشرة وغير المباشرة التي تنتج عن الشبكات االجتماعية ضمن العائلة واألصدقاء وأعضاء المجتمع بشرط توفر عامل الثقة )كولمان 1988(. وقد أخذت الثقة الحقا جانبا مهما في أدبيات رأس المال االجتماعي وخاصة أواخر التسعينات ومن أبرز من ك ت ب في هذا المجال فوكوياما الذي ميز بين نوعين من المجتمعات األول المجتمع األبوي الذي يستند على الروابط العائلية والعشائرية والنوع اآلخر المجتمع الذي يستند إلى الثقة العالية التي تتصف بها نماذج متنوعة من التفاعالت االجتماعية التي تعزز انتماء األفراد ألكثر من جماعة )فوكوياما 1999(. من جهة أخرى عرف بوتنام رأس المال االجتماعي كفضيلة مدنية تتمثل بسلوك األفراد وتعتمد على المشاركة السياسية واحترام القانون والتعاون. وأضاء هذا التعريف على العالقة بين الديمقراطية والمجتمع المدني والحوكمة الجيدة والتنمية المستدامة. واعتبر بوتنام أن رأس المال االجتماعي هو تفاعل بين األفراد والشبكات االجتماعية والمعاملة بالمثل ومستوى الثقة التي تؤسسها هذه الشبكات االجتماعية. لذلك تعتبر المشاركة السياسية والتعاون المتبادل من أهم مؤشرات رأس المال االجتماعي وإن تراجع هذه المؤشرات يشير إلى تراجع رأس المال االجتماعي )بوتنام 1995(. من أهم االنتقادات التي وجهت إلى تعريف بوتنام لرأس المال االجتماعي أنه يتأثر بعوامل خارجية كالسياسات الحكومية أو بأسباب غير قابلة للتنبؤ مثل التدخل الخارجي )الفساد والحروب( والذي يساهم في تراجع المشاركة السياسية لألفراد. كما أنه من الصعوبة القياس والتحكم بخيارات األفراد التي تعكس تفضيالتهم وبالتالي ما اعتبره بوتنام تراجع في رأس المال االجتماعي قد ي فسر بخيارات األفراد المختلفة للتعبير عن قيمهم. وقد أشار نافارو أن ما فسره بوتنام على أنه تراجع في رأس المال االجتماعي ضمن نقابات العمال في الواليات المتحدة إنما هو انعكاس للقمع ولتغيير توازنات القوى الطبقية وليس تدهور في القيم الثقافية واالجتماعية )نافارو 2002(. كما اعتبر غريكس 2001 وأوري 2002 أن المفهوم والمؤشرات التي اعتمدها بوتنام تتجاهل حقبة الثورة التكنولوجية التي أثرت على طريقة حراك األفراد وقنوات التفاعل والمشاركة في الحياة االجتماعية. إن تحليل بوتنام لرأس المال االجتماعي طرح العديد من األسئلة حول تأثيره في المجتمع فعلى سبيل المثال من الصعب تفسير انخفاض مؤشر الثقة فقد يعزى إلى ضعف األداء المؤسساتي أو ضعف الثقة بالحكومة أو بالنظام ككل )نصر وهالل 2007(. وفي هذا السياق وجد اليسون والفيريرا )2002( أن من أهم العوامل التي تؤثر في مؤشر الثقة االنتماء لجماعة تعرضت تاريخيا للتمييز أو طبيعة الخصائص الفردية ألفراد المجتمع من دخل وتعليم أو درجة التجانس في المجتمع. لقد استخدم مفهوم رأس المال االجتماعي لدى كولمان وبوتنام وفوكوياما في التسعينات باعتباره تعبيرا عن الشعور بالثقة تجاه اآلخرين وتعبيرا عن قيم التضامن والتبادلية واألهم من ذلك أنه اعتبر رأسماال مجتمعيا وهذا ما ميزه عن تعريف بورديو الذي اعتبره رأس مال فردي يتحدد بما يملكه الفرد من شبكات وعالقات ومعارف تمكنه من اكتساب مزايا متباينة ناتجة عن التباين في ملكية األفراد لهذا النوع من رأس المال. وميزت الدراسات )بوتنام 2000, غيتيل وفيدال 1998 وسزريتير ووولكوك 2004( بين ثالثة أنواع من رأس المال االجتماعي رأس مال اجتماعي رابط أو ما أشار إليه بوتنام أنه شخصي رعائي يستند إلى العالقات بين أعضاء الشبكة االجتماعية المتشابهين بشكل ما مثل العائلة واألصدقاء. النوع الثاني رأس مال اجتماعي عابر أو تجسيري ويشير إلى العالقات ضمن األفراد الذي ال ينتمون بالضرورة لجماعة معينة وال يتوافقون في العمر أو الحالة االقتصادية أو التعليم وإنما تجمعهم روابط أخرى مثل عالقات العمل والمعارف. أما النوع

16 المركز السوري لبحوث السياسات 16 الثالث فهو رأس مال اجتماعي واصل أو مؤسساتي ويستند إلى عالقات األفراد مع المؤسسات ومستويات السلطة مثل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية واألحزاب السياسية والشركات وي عتبر النوع األخير من أضعف أنواع الشبكات والروابط ولكنه باإلضافة إلى النوع التجسيري يملك المخرج القيمي األعلى ويقدم المجال الضروري األفضل لتطوير األفكار والقيم والتوقعات الجديدة )وولكوك 2001 ستزريتير ووولكوك 2004(. اعتبر بوتنام أن كل نوع من هذه الروابط والعالقات يقدم منافع مختلفة للمجتمع من الحماية وتأمين فرص عمل واألمان والرقي االجتماعي. ولكن ما غاب عن تحليله أن هذه المنافع تعتمد على عدد من العوامل سواء كانت خصائص فردية تميز األفراد كالجنس والعمر والموقع االجتماعي أو متغيرات أخرى كالتعليم والقومية والدين مما يعني أن تباين هذه العالقات من حيث القوة والثبات يؤدي إلى تباين وتفاوت في المنافع انطالقا من أن الشبكات االجتماعية غير متساوية بما تقدمه من فرص )نصر وهالل 2007(. وقام البنك الدولي بنشر سلسلة من الدراسات حول رأس المال االجتماعي من حيث التعريف واالستخدام ودوره في مشاريع التنمية وطرق قياسه والمتغيرات االقتصادية واالجتماعية والمؤسساتية المتعلقة به. وفي هذا السياق عرف البنك الدولي رأس المال االجتماعي بأنه المؤسسات والعالقات والمعايير التي تشكل التفاعل االجتماعي في المجتمع ويؤكد أن التماسك االجتماعي عامل أساسي في التنمية االقتصادية والمستدامة. 1 ويرى البنك أن رأس المال االجتماعي ليس فقط المؤسسات التي تحكم المجتمع بل الرابط الذي ي غني ويوصل فيما بينها لذلك أضاف إلى التعريف المؤسسات والعالقات الرسمية الحكومية حيث أن الحكومة والنظام السياسي الرسمي وحكم القانون والنظام القضائي والحقوق المدنية والسياسة هي جزء من هيكل رأس المال االجتماعي. ويميز البنك بين الشبكات األفقية والعمودية ويركز على أن الشبكات األفقية هي التي تحقق هوية المجتمع وأهدافة العامة بينما العالقات العمودية ال تحقق سوى غايات ضيقة ال تخدم المجتمع ككل )داسغوبتا 1999 غروتيرت وباستلير 2001(. وبالتالي أضاف مؤسسات الدولة ونظام الحكم والحكومة وكل ما يتبع للدولة وصوال إلى مؤسسات المجتمع المدني )كاألحزاب والنقابات والجمعيات وغيرها( ومؤسسات القطاع الخاص كالشركات. ويجد الكثير من الباحثين أن مفهوم البنك الدولي لرأس المال االجتماعي ضبابي وعريض ومجرد وي عقد فهم رأس المال االجتماعي ويفرغه من معناه المحدد الذي يعطيه خاصية تحليل وفهم عالقات األفراد والجماعات وعالقتهم فيما بينهم كمجتمع يختلف في آلياته عن الدولة ومؤسساتها )نصر وهالل 2007 (. البد من اإلشارة هنا إلى تأثير مؤسسات الدولة )المؤسسات األمنية والمالية والقوانين والنظام القضائي وغيرها( على العالقات والروابط االجتماعية والثقة بين األفراد والجماعات وعلى القيم والعادات الناظمة للمجتمع وعلى درجة التضامن والتعاون المتاحة بين أفراد المجتمع وجماعاته والعكس صحيح من خالل الفعل الجماعي والحركات االحتجاجية والثورية. لكن التأثير ال يعني الخلط بين رأس المال االجتماعي والمؤسسات خاصة الرسمية منها. قدمت منظمة التعاون االقتصادي والتنمية تعريفا لرأس المال االجتماعي بأنه "مجموعة الشبكات والمعايير والقيم والتفاهمات التي تسهل التعاون بين وضمن الجماعات المختلفة" وبالتالي فإن الشبكات والعالقات االجتماعية التي تنظمها القيم والمعايير والتفاهمات المتفق عليها تقوم بتعزيز الثقة المجتمعية وتمكن األفراد من التعاون والعمل مع بعضهم )منظمة التنمية والتعاون االقتصادي 2001(. 1. انظر الموقع التالي: scapital/schowmeas1.htm

17 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 17 يرتكز رأس المال االجتماعي على العالقات والشبكات االجتماعية التي تربط األفراد والجماعات وعلى آلية ودوافع تشكل هذه العالقات بينما يعتمد غيره من أشكال رأس المال غير االقتصادي على التراكم المعرفي والثقافي إن قراءة األدبيات تطرح العديد من النقاط اإلشكالية حيث تنظر بمعظمها إلى المجتمع ككيان مستقل عن العوامل الخارجية الدولية واإلقليمية التي تؤثر بشكل كبير على عالقات األفراد والجماعات في أي مجتمع كما تغيب عن بعضها عالقات السلطة وما تنتجه من ظلم والمساواة وتهميش وتسلط. إضافة إلى ذلك ال بد من تمييز رأس المال االجتماعي عن أنواع رأس المال األخرى غير االقتصادية كرأس المال الرمزي ورأس المال الثقافي. حيث يرتكز رأس المال االجتماعي على العالقات والشبكات االجتماعية التي تربط األفراد والجماعات وعلى آلية ودوافع تشكل هذه العالقات بينما يعتمد غيره من أشكال رأس المال غير االقتصادي على التراكم المعرفي والثقافي. ومن اإلشكاليات التي طرحتها األدبيات مرجعية رأس المال االجتماعي كونه ميزة فردية أو اجتماعية والذي بدوره يحدد آليات تراكم رأس المال االجتماعي والعائد عليه. كما تطرح األدبيات العديد من األسئلة اإلشكالية على سبيل المثال هل تعتبر الثقة المجتمعية مكون رئيسي من مكونات رأس المال االجتماعي أم نتيجة لتفاعل األفراد والجماعات وفيما بينهم ما هو اإلطار المفاهيمي لرأس المال االجتماعي وما مدى شموليته لمؤسسات الدولة ونظام الحكم وما أنواع الشبكات التي يتضمنها رأس المال االجتماعي. انطالقا من ذلك يمكن تحديد دور رأس المال االجتماعي كحامل للمجتمع في مواجهة التحديات والكوارث وعامل تمكين لألفراد والجماعات حتى في غياب الدولة. كما تثير األدبيات موضوع التعريف اإلجرائي الذي يمكن من خالله قياس رأس المال االجتماعي بما يسهل دراسة وتحليل العالقات االجتماعية. مقاربة مفاهيمية بناء على مراجعة األدبيات يقدم البحث مقاربة مفاهيمية تخلص إلى تعريف إجرائي لرأس المال االجتماعي تنطلق من اعتبار مفهوم رأس المال االجتماعي ذو طابع مزدوج ذاتي وموضوعي ينبع طابعه الذاتي من ذاتية األفراد والجماعات والمجتمعات على اعتبارهم ذوات فاعلة بذاتها ولذاتها كما ينبع من الخلفية األخالقية لمضامينه كالغيرية والتعاطف والتسامح تمييزا لها عن المصلحة الذاتية إضافة إلى العدالة والحرية وغيرها من القيم اإلنسانية التي تؤسس القيم االجتماعية كاالعتراف واالحترام المتبادل والثقة والتعاون والتشارك الحر والدافعية إلى العمل الجماعي والتطوعي وابتغاء الصالح العام والقدرة على التواصل البناء وت عي ن طبيعة الشبكات التي تؤثر في بنية المؤسسات وآليات عملها فتفضي إلى الترابط االجتماعي والتواصل اإلنساني. إن الطابع الذاتي لرأس المال االجتماعي يزيد من صعوبة دراسته وقابلية مقارنته بين المجتمعات المختلفة التي تختلف في مساراتها التاريخية وأنماط عالقاتها وقيمها. أما موضوعية رأس المال االجتماعي فتتعي ن في الظواهر االجتماعية كالشبكات وتنظيمات المجتمع المدني واستخدامه كأداة تحليل لتشخيص المشكالت االجتماعية كالتعصب والتمييز والتفاضل والعنف والتردي األخالقي والكشف عن حركة التعارضات المالزمة للوجود االجتماعي واتجاهات هذه الحركة. وتشكل العالقات والروابط والشبكات االجتماعية المتنوعة المكون األولي لرأس المال االجتماعي باعتبار الجماعات والمجتمعات بنى عالئقية ومنظومات اجتماعية. ويمكن تمييز رأس المال االجتماعي بالخصائص التالية التي تحد ده تحديدا أوليا : - أنه تاريخي وعام مما يسوغ البحث في رأس مال اجتماعي عام سواء لمجتمع صغير أو للمجتمع الكلي الذي ليس جمعا حسابيا لمجتمعات صغيرة وأفراد. لكن التركيز على الطابع االجتماعي لرأس المال االجتماعي هو األساس الذي ترتكز عليه عالقات األفراد والجماعات فيما بينهم. - إن العالقات االجتماعية الم شكلة لرأس المال االجتماعي ال تنفصل ال عن بواعثها ودوافعها الواعية وغير الواعية وال عن نماذج التفكير واإلدراك والتمثل والتقدير والعمل التي تبطنها وال عن غاياتها وال عن بيئتها.

18 المركز السوري لبحوث السياسات 18 ال بد من تمييز رأس المال االجتماعي عن أنواع رأس المال األخرى غير االقتصادية كرأس المال الرمزي ورأس المال الثقافي. حيث يرتكز رأس المال االجتماعي على العالقات والشبكات االجتماعية التي تربط األفراد والجماعات وعلى آلية ودوافع تشكل هذه العالقات بينما يعتمد غيره من أشكال رأس المال غير االقتصادي على التراكم المعرفي والثقافي - إن رأس المال االجتماعي متنوع ومتغير باط راد ومتقلب أيضا تبعا لمدى استقرار الحياة العائلية واالجتماعية وتوازنهما ومرونة النظام السياسي ومدى سيادة القانون واحترامه. - إن رأس المال االجتماعي يحمل قيمة غير مادية أكثر من كونه غاية لتحقيق مكاسب اقتصادية وإنما عوائد اجتماعية تكون مصدر إليجاد حلول للمشكالت االجتماعية بشكل عام ووقت األزمات بشكل خاص. - يعكس رأس المال االجتماعي عالقات القوة في المجتمع على اختالف معاني القوة بدءا من قوة الشخصية وقدرتها على التأثر والتأثير إلى قوة المعرفة وقوة المال وقوة الجاه وغيرها من أشكال القوة وصوال إلى القوة العارية. - يؤثر رأس المال االجتماعي في نسج االنتظامات والتنظيمات االجتماعية والمؤسسات وفي بناها ووظائفها وآليات عملها ويتأثر بها ال سيما أن هذه االنتظامات والمنظمات والمؤسسات على اختالفها هي مجاالت ممارسة الحياة العامة. وتعد سالمة هذه التنظيمات والمؤسسات وشفافيتها وتشاركيتها وقدرتها على أداء وظائفها وقابليتها للمراجعة والنقد والمساءلة والمحاسبة عامال هاما في تطور رأس المال االجتماعي الفعال. في ضوء هذه الخصائص يمكن اعتبار القيم والعالقات والروابط والشبكات االجتماعية وتفاعلها هي رأس المال االجتماعي الذي يؤثر بالضرورة في اتجاهات نمو المجتمع المدني وفي بنى االنتظامات والمنظمات والمؤسسات ووظائفها وآليات اشتغالها ويتأثر بها ويسهم في تشك ل فضاء عام مشترك. ويمكن تصنيف رأس المال االجتماعي إلى رأس مال موروث متحقق بالفعل يربط أفراد الجماعة التقليدية كالعائلة الممتدة والعشيرة والجماعة اإلثنية المذهبية ويحافظ على تماسكها ويعزز تمايزها ورأس مال متجدد يؤدي إلى نموها وتطورها وقد يؤدي إلى تفكيكها أيضا. هذا األخير هو رأس المال الممكن والالمتناهي ألن أشكال العالقات االجتماعية ومضامينها ال متناهية تتغير باطراد وتتجدد باطراد بتجدد المعرفة والثقافة والعلوم والتقنيات وأساليب اإلنتاج ولكنها ال تنفي األولى بل يمكن أن تهذبها بما يخدم الصالح العام ولكنه بخالف رأس المال المادي ينمو ويتراكم بنسبة إنفاقه أو تصريفه. وهذا فارق جوهري ألن رأس المال االجتماعي يمكن أن يفضي إلى الحد من االستغالل والظلم والقهر وتقليص الفجوات الفاصلة بين الفئات االجتماعية بتجادله مع أشكال رأس المال األخرى وارتكازه على واقع االعتماد المتبادل وحل التعارضات االجتماعية سلميا وإسهامه في التنمية اإلنسانية وبالتالي يمكن أن يسهم في تعميق التحوالت االجتماعية وترسيخ العالقات وفقا لمبادئ المساواة والحرية والعدالة وقيمها اإلنسانية. إن رأس المال االجتماعي يحمل قيمة غير مادية أكثر من كونه غاية لتحقيق مكاسب اقتصادية وإنما عوائد اجتماعية تكون مصدر إليجاد حلول للمشكالت االجتماعية بشكل عام ووقت األزمات بشكل خاص

19 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 19 ثانيا : منهجية دليل رأس المال االجتماعي التعريف اإلجرائي بناء على المقاربة المفاهيمية السابقة يمكن تعريف رأس المال االجتماعي بأنه ما تم تراكمه في مجتمع ما أفرادا وجماعات ومؤسسات من قيم وروابط وشبكات اجتماعية مبنية على الثقة المتبادلة بين أفراده وجماعاته ومؤثرة ومتأثرة بالمؤسسات المجتمعية الناظمة للحياة العامة التي تسهل التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع ويرسخ رأس المال االجتماعي أسس التماسك واالندماج االجتماعي ويعمل بشكل حثيث لخلق اإلنسان الحر والواعي والمنتج والقادر على خدمة الصالح العام. وتعتبر القيم واألخالق المشتركة جوهر رأس المال االجتماعي بما ت رسخه الحريات العامة والخاصة وتحفظ كرامة اإلنسان واستقالله وحريته وتعمل على توجيه عمله وسلوكه خدمة للصالح العام وبشكل ال يتعارض أو يتناقض مع أهدافه وطموحاته وكينونته كفرد مستقل وحر وواع ومنتج. وتعزز األخالق والقيم الروابط المدنية وتساهم في انعتاق الفرد من الروابط األولية التي تعكس عدم نضجه أو نضج المجتمع الذي ينتمي إليه )راسل 2009(. كذلك األمر فإن الروابط والشبكات االجتماعية تعد صلب رأس المال االجتماعي بما تحققه من اندماج الفرد وتواصله مع المجتمع وتعزيز العمل الطوعي الواعي المنتج وترسيخ الثقة المجتمعية التي تؤدي إلى التماسك والتضامن االجتماعي على أساس االحترام المتبادل واألهداف المشتركة العامة. وكلما سادت القيم الفردية التي تتناقض مع الصالح العام كلما انفصل الفرد عن مجتمعه األولي ولم يجد بديال يربطه بالعالم وباآلخرين وفقد سيطرته على ذاته وموارده وطاقاته مما يؤدي ذلك إلى نكوصه وعودته إلى الروابط األولية المتمثلة بالعائلة أو القبيلة أو القومية أو الجماعية الدينية أوالطائفية وزاد من تعصبه. وكلما فشل اإلنسان في تحقيق ذاته وفي قدرته على تنمية طاقاته وقدراته تعززت مشاعر الخوف وعدم األمان وتعززت قيم الخضوع والتبعية واالستعباد والتسلط في المجتمع وزادت من العصبية والقبلية والطائفية وجعلته يسلم أمره لقوى أقوى منه تتسلط عليه وعلى خياراته وقدراته وموارده سواء كانت هذه القوى مجموعة البنى االجتماعية الرجعية أو أنظمة استبدادية )بركات 2006(. يتقاطع التعريف اإلجرائي الذي اعتمده التقرير في التحليل مع العديد من الدراسات واألدبيات من حيث أن رأس المال االجتماعي هو منتج اجتماعي جماعي ب ني وتراكم من قبل المجتمع من خالل التفاعالت والعالقات بين وضمن األفراد والجماعات المختلفة على أساس األخالق والقيم والعادات والتفاهمات الحاكمة في المجتمع والمبنية على درجة معينة من الثقة المتبادلة والتي تعزز التضامن والتعاون واالندماج والتماسك في المجتمع. وبشكل قياسي فإن رأس المال االجتماعي ي قسم إلى ثالث مكونات ومضامين أساسية وهي العالقات والشبكات االجتماعية والثقة المجتمعية والقيم والتوجهات المشتركة. المنهجية لقد دفع االهتمام برأس المال االجتماعي إلى محاوالت متعددة لصياغة المفهوم وتوحيد طرق القياس 2 على الرغم من صعوبات القياس المختلفة المرتبطة بتحديات تحديد المفهوم والفصل بين رأس المال االجتماعي ونتائجه ومصادره إال أن عدم قياس رأس المال االجتماعي يبقي خصائصه وإمكانياته مجهولة )دورلوف 2002(. إن قياس رأس المال االجتماعي يسهم في تحديد العوامل التي تسهم في جعل البيئة مناسبة لتطويره يمكن تعريف رأس المال االجتماعي بأنه ما تم تراكمه في مجتمع ما أفرادا وجماعات ومؤسسات من قيم وروابط وشبكات اجتماعية مبنية على الثقة المتبادلة بين أفراده وجماعاته 2. لمناقشة تفصيلية لقياس رأس المال االجتماعي راجع )كالريدج 2004(:

20 المركز السوري لبحوث السياسات 20 والعوامل التي تؤدي إلى تدهوره. وقد وضحت هيئة تقييم األداء االقتصادي والتقدم االجتماعي التي قدمت مقاربة جديدة لفهم الثروة ونوعية حياة األفراد واالستدامة أن رأس المال االجتماعي هو جزء رئيسي من ثروة ومقومات المجتمع التي تنعكس إيجابا على نوعية حياة أفراده )ستيغلتز وآخرون 2009(. وقد بذلت العديد من الجهود لالتفاق على طرق لقياس رأس المال االجتماعي من حيث المفهوم وأدوات البحث بما ي مكن من المقارنة الدولية ويساعد في تحليل عالقته بالمتغيرات التنموية األخرى )نصر وهالل 2007(. وقد قدمت منظمة التنمية والتعاون االقتصادي إطارا لقياس رأس المال االجتماعي اعتمد على أربع مقاربات لرأس المال االجتماعي: العالقات الشخصية والشبكات االجتماعية واالنخراط في العمل المدني ومعايير الثقة والتعاون. )سكرايفنس وسميث 2013(. ويتم قياس رأس المال االجتماعي على عدة مستويات: األفراد المنظمات المجتمعات وعند تنفيذ القياس على المستوى المجتمعي المحلي أو الوطني يتم استخدام أدلة مركبة لتشمل عدد من المؤشرات التي تعكس مستوى رأس المال االجتماعي في المجتمع ومثال ذلك دراسة بوتنام ودراسة البنك الدولي اللتان تقيسان رأس المال االجتماعي على المستوى المجتمعي )أكاه.)2014 وتظهر األدبيات تحديات استخدام تجميع للبيانات الفردية لقياس ظاهرة مجتمعية فال تقاس الثقة المجتمعية على سبيل المثال بتجميع الثقة على المستوى الفردي. من جهة أخرى توصي العديد من الدراسات بعدم استخدام متغير واحد لقياس رأس المال االجتماعي بل استخدام عدة مؤشرات ومتغيرات بما في ذلك تطوير األدلة المركبة حتى تكون مقاربة المفهوم أكثر دقة )فان ديث 2003(. وهناك عد ة مراحل تمر بها عملية تكوين الدليل المرك ب بما في ذلك تحديد وانتقاء المؤشرات التي تعكس المكونات الرئيسية لرأس المال االجتماعي وطرق معيرة المؤشرات وتثقيلها وتجميعها أم ا المرحلة األخيرة فهي اختبار مدى حساسيتها )الرسن وآخرون 2007(. وتنطوي عملية تطوير الدالئل المرك بة على عدد كبير من التحد يات المنهجية مثل االعتماد على أحكام الخبراء التي يمكن أن تترافق بشيء من عدم اليقين كما أن إعطاء أوزان ترجيحية للمؤشرات الفردية هو بمثابة تحد آخر في تكون دليل مرك ب )منظمة الصحة العالمية 2017(. بناء دليل رأس المال االجتماعي تظهر أهمية القياس أكثر في ظل النزاع المسلح حيث تزداد أهمية معرفة التفاعالت الجديدة خالل الحرب وتوجيه التدخالت لتخفيف أو تجاوز آثار العنف على رأس المال االجتماعي. وفي هذا اإلطار قام فريق البحث بتصميم أدوات البحث المتعلقة بمسح حالة السكان في القسم االجتماعي بحيث تمكن من تشكيل دليل لرأس المال االجتماعي باالستناد إلى مكوناته الرئيسية. وقد تم اعتماد اختيار المؤشرات على مراجعة األدبيات ومشاورات الخبراء وعليه تم إعداد أسئلة مسح حالة السكان )القسم االجتماعي( حيث تضمنت االستمارة أسئلة عن الشبكات االجتماعية والثقة والقيم والمعايير. علما بأن وحدة التحليل هي المجتمع المحلي إذ استخدم المسح منهجية مركبة لتناسب ظروف النزاع والمبنية على دراسة على مستوى المناطق المدروسة التي غطت سوريا بالكامل. وتضمنت منهجية المسح إجراء مقابالت مطولة مع ثالثة أشخاص مفتاحيين في كل منطقة مدروسة وتم استخدام أسئلة كمية ونوعية لمعرفة حالة السكان في المنطقة المدروسة بما في ذلك الحالة الديمغرافية واالقتصادية واالجتماعية قبل األزمة وفي فترة المسح أي منتصف عام وتضمن المسح معايير لدمج البيانات على مستوى المنطقة من خالل إعادة تنفيذ االستبيان في حال وجود تناقض واضح بين االستمارات الثالث ويتوسع الملحق 1 في شرح منهجية المسح )المركز السوري لبحوث السياسات 2016(.

21 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 21 وفق التعريف اإلجرائي يمكن تحديد دليل لرأس المال االجتماعي باستخدام مقياس تجميعي له ثالثة مكونات ي ث ق ل كل منها بالتساوي وتعامل المؤشرات المركبة ضمن كل بعد بالتساوي )جدول 1(. المكون األول هو العالقات والشبكات االجتماعية والتي ي مكن قياسها من خالل أربع مؤشرات أساسية هي المشاركة في اتخاذ القرار والعمل التطوعي والتعاون لحل المشاكل ومشاركة المرأة المكون الثاني هو الثقة المجتمعية ويتم قياسه من خالل مؤشرين أساسيين هما الثقة بين األفراد ومدى الشعور باألمان أما المكون الثالث فهو القيم والتوجهات أو التفاهمات المشتركة ويتم قياسه من خالل درجة التوافق بين أبناء المجتمع على رؤية مشتركة للمنطقة ودرجة التوافق بينهم على رؤية مشتركة على المستوى الوطني إضافة إلى مكانة المرأة في المجتمع. جدول 1: دليل رأس المال االجتماعي ومكوناته ومؤشراته المكونات الشبكات والمشاركة المجتمعية المؤشرات المشاركة في اتخاذ القرار التعاون لحل المشاكل العمل التطوعي مشاركة المرأة الثقة القيم والتوجهات المشتركة الثقة بين األفراد الشعور باألمان االتفاق على رؤية للمنطقة االتفاق على رؤية لسوريا مكانة المرأة المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات يعتمد التقرير في حساب الدليل ومكوناته ومؤشراته على البيانات التي يوفرها مسح حالة السكان لعام 2014 وتجدر اإلشارة أن الدليل ي حسب على المستوى الوطني كما على أي مستوى جغرافي بما في ذلك المحافظات والنواحي كما يقيس رأس المال االجتماعي قبل وأثناء األزمة وهذا يؤدي إلى تعميق فهم الحالة االجتماعية في سوريا وأثر األزمة عليها مما يساهم في التوصل إلى استراتيجيات وسياسات مناسبة. يعتمد التقرير في حساب الدليل ومكوناته ومؤشراته على البيانات التي يوفرها مسح حالة السكان لعام 2014 )ملحق 1( لفترتي ما قبل األزمة )عام 2010( وأثنائها )2014(. ومن أجل تحليل رأس المال االجتماعي في سوريا وأثر األزمة عليه تم تصميم الدليل وفق المكونات والمؤشرات التالية: - 1 الشبكات والمشاركة المجتمعية )أربعة مؤشرات مثقلة بالتساوي(: - المشاركة في اتخاذ القرار: مدى إتاحة المشاركة لجميع األفراد وبفعالية ودون استثناء أحد في عملية اتخاذ قرار داخل المنطقة يتعلق بمصالح أبنائها ويتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي أبدا ونادرا وأحيانا وغالبا ودائما.

22 المركز السوري لبحوث السياسات 22 - التعاون لتجاوز المشاكل: المساعدة التي يقدمها اآلخرون في حال حدوث مشكلة عامة أو مشكلة لبعض أفراد المجتمع يتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي أبدا ونادرا وأحيانا وغالبا ودائما. - العمل التطوعي: مدى انتشار العمل التطوعي ومساهمة الجميع فيه دون تمييز يتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي أبدا ونادرا وأحيانا وغالبا ودائما. - مشاركة المرأة: مدى مشاركة المرأة في األنشطة االجتماعية العامة كمبادرات التعليم والصحة والتكافل االجتماعي يتراوح المؤشر بين ثالثة خيارات هي سيئ ومقبول وجيد. - 2 الثقة )مؤشران مثقالن بالتساوي(: - الثقة بين األفراد: مدى انتشار الثقة بين أفراد المجتمع من خالل عدد من المظاهر مثل قلة عدد الدعاوي القضائية بين األفراد قلة عمليات الغش واالحتيال الميل إلى إنشاء شراكات اقتصادية وسهولة االقتراض بين األفراد يتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي أبدا ونادرا وأحيانا وغالبا ودائما. - الشعور باألمان: يرتبط بعدم التعرض مثال لحاالت القتل والسرقة والعنف والخطف إضافة إلى عدم القدرة على التنقل بحرية يتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي أبدا ونادرا وأحيانا وغالبا ودائما. - 3 القيم والتوجهات المشتركة )ثالثة مؤشرات مثقلة بالتساوي(: - االتفاق على رؤية للمنطقة: مدى وجود تصور عن المستقبل المرغوب للمنطقة بشكل مكتوب أو ضمني يتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي ال يتفقون أبدا وال يتفقون إلى حد كبير ويتفقون إلى حد ما ويتفقون إلى حد كبير ويتفقون كليا. - االتفاق على رؤية لسوريا: مدى وجود تصور عن المستقبل المرغوب لسوريا بشكل مكتوب أو ضمني يتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي ال يتفقون أبدا وال يتفقون إلى حد كبير ويتفقون إلى حد ما ويتفقون إلى حد كبير ويتفقون كليا. تضمنت منهجية المسح إجراء مقابالت مطولة مع ثالثة أشخاص مفتاحيين في كل منطقة مدروسة وتم استخدام أسئلة كمية ونوعية لمعرفة حالة السكان في المنطقة المدروسة بما في ذلك الحالة الديمغرافية واالقتصادية واالجتماعية قبل األزمة وفي فترة المسح أي منتصف عام مكانة المرأة: النظرة العامة لدور المرأة على مستوى األسرة والمجتمع يتراوح المؤشر بين ثالثة خيارات هي سيئ ومقبول وجيد. تم تثقيل المؤشرات في المؤشر الكلي بناء على األدبيات لدراسات مماثلة وعلى مشاورات الخبراء وقد وصل البحث إلى صيغ بسيطة تعتمد التثقيل المتساوي لألبعاد الرئيسية. وقد تم تطبيق اختبارات الحساسية للدليل من خالل تغيير تثقيل المكونات وأشارت النتائج إلى وجود القليل من الفروقات المعنوية والتي لم تتجاوز في أعلى قيمها % 8 من قيمة الدليل وفق التثقيل المتساوي. وقد تم بناء المكونات بعد تنميط جميع المؤشرات إلى قيم بين الصفر والواحد إضافة إلى التثقيل بعدد سكان المنطقة المدروسة وذلك عند تجميعه على مستوى المحافظة وعلى المستوى الوطني. وأخذت المكونات الثالثة قيم بين الصفر والواحد ليتم بناء دليل رأس المال االجتماعي وفق التالي: SCI t = 1/3 (SP t ) + 1/3 (ST t ) + 1/3 (VN t ) حيث:

23 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 23 :SCIt دليل رأس المال االجتماعي ويأخذ قيمة بين 0 و 1 حيث الصفر يعكس ضعف رأس المال االجتماعي وواحد يعني األداء األفضل. :SPt مكون الشبكات والمشاركة المجتمعية ويأخذ قيمة بين 0 و 1 حيث الصفر يعكس ضعف المكون وواحد يعني األداء األفضل. :STt مكون الثقة المجتمعية ويأخذ قيمة بين 0 و 1 حيث الصفر يعكس ضعف المكون وواحد يعني األداء األفضل. :VNt مكون القيم المشتركة والتوجهات المشتركة ويأخذ قيمة بين 0 و 1 حيث الصفر يعكس ضعف المكون وواحد يعني األداء األفضل. ويأخذ الدليل المركب لرأس المال االجتماعي ومكوناته قيم من 0 إلى 1 يمكن تصنيفها على النحو التالي: ضعيف جدا مرتفع جدا ضعيف مرتفع متوسط

24 المركز السوري لبحوث السياسات 24 Adeeb Alsayed 2017

25 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 25 الفصل الثاني: خصائص مؤشرات رأس المال االجتماعي

26 المركز السوري لبحوث السياسات 26 يصف حليم بركات المجتمع السوري بأنه مجتمع متعدد الثقافات استطاع أن يحقق اندماجا وتماسكا لفترة طويلة من خالل مجموعة من العالقات االجتماعية المبنية على عدد من العوامل الثقافية والدينية واالجتماعية واألخالقية وعلى الرغم من تعدد الهويات واختالف المصالح حافظ على هذه الهويات الخاصة مع محاولة التكيف والعمل على إيجاد دولة مركزية وتفاهمات على الكثير من األساسيات لتحقيق االندماج االجتماعي. وعلى الرغم من ذلك عانى المجتمع صراعا داخليا دائما عبر التاريخ نتيجة للتدخالت الخارجية أو لسيطرة أقلية أو أكثرية دينية على السلطة والثروة وانعدام الديمقراطية أو االعتراف الكامل بالتنوع الثقافي والديني وااليديولوجي )بركات 1984 (. بوجه عام أثبتت االضطرابات السياسية المتالحقة أن المجتمع السوري هو مجتمع يمر بمرحلة انتقالية يواجه أزمة مزمنة بين األيديولوجيات والثقافات التقليدية والسلفية وبين الحداثة وبين قوى التقسيم والتجزئة وقوى التوحد واالندماج والتكامل إضافة إلى التدخالت الخارجية. إنه مجتمع في حالة مواجهة وصراع دائم وقد استثمرت قوى التسلط خالل األزمة األخيرة في التناقضات واالختالفات وأججتها خدمة الستمرار العنف وتحقيق الهيمنة. يعاني المجتمع السوري مثل غيره من المجتمعات في المنطقة من عدة عوامل مثل التبعية بالمعنى الذي أشار إليه حليم بركات في كتابه عن االغتراب )2006( حيث يفقد المجتمع سيطرته على موارده وقدراته وتسيطر عليه المؤسسات ويخضع لها بدل أن يسيطر عليها. إضافة إلى ذلك فالمجتمع السوري يعاني من مستويات خطيرة من الخضوع إلى األنظمة االستبدادية المعادية لإلنسان مما يفقد اإلنسان والمجتمع اإلرادة والهدف والخطة للتغيير. من جهة أخرى تبدو العالقات االجتماعية متينة ولكن يغلب عليها الطابع غير الرسمي المبني بشكل كبير على الروابط األولية التي تتناقض مع العالقات المدنية والرسمية. إضافة إلى ذلك يعاني المجتمع من تعدد الوالءات واالنتماءات اإلقليمية التي تتغلب في بعض األحيان على االنتماءات الوطنية وتتفوق عليها مما يجعله عرضة لالنقسام والصراعات والتي تم استغاللها تاريخيا سواء من قبل األنظمة والنخب الحاكمة أو من قبل الخارج لخدمة مصالحهم التي ال تتفق مع مصالح المجتمع جماعات وأفراد. إن هذه العالقات واإلنتماءات التقليدية المبنية على الثقة والتعاون والتضامن بين أفراد الجماعة الواحدة والتي استمرت من خالل الرجعية والرؤية الميتافيزيقية والسلطوية السياسية والطبقات الهرمية لألفراد والجماعات الطائفية والقبلية والقومية الذين تجمعوا ضد اآلخرين وفقا للثروة والسلطة تحمل في طياتها تناقضا إذ أن العوامل التي تزيد الثقة على مستوى الجماعة س خرت لتكون في خدمة األنظمة على حساب المصلحة الوطنية العامة )بركات 2006(. في هذا اإلطار يقوم البحث على محاولة تحليل العالقات االجتماعية السائدة في المجتمع والقيم والعادات التي تحكم هذه العالقات والتي تؤثر في قيم التعاون والتضامن والثقة بين األفراد والجماعات من خالل استخدام مفهوم رأس المال االجتماعي كمقاربة للتحليل وفهم جانب أساسي من ديناميكيات األزمة االجتماعية. وتجدر اإلشارة على أن التحليل مستند بشكل رئيسي على توصيف وتحليل العالقات االجتماعية على مستوى المجتمع المحلي وليس على مستوى الفرد أو األسرة. تتطرق األقسام الالحقة إلى تقديم تحليل توصيفي للمؤشرات الفرعية التسعة التي تم استخدامها لبناء دليل رأس المال االجتماعي ومن ثم مناقشة الدليل الكلي. تبدو العالقات االجتماعية متينة ولكن يغلب عليها الطابع غير الرسمي المبني بشكل كبير على الروابط األولية التي تتناقض مع العالقات المدنية والرسمية التحليل مستند بشكل رئيسي على توصيف وتحليل العالقات االجتماعية على مستوى المجتمع المحلي وليس على مستوى الفرد أو األسرة

27 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 27 أوال : الشبكات والمشاركة المجتمعية استخدمت األدبيات عددا متنوعا من المعايير للتعرف على طبيعة الشبكات والمشاركة المجتمعية مثل معايير حياة المجتمع التنظيمية كالخدمة في منظمات محلية أو نواد أو العضوية في عدد من الجماعات إضافة إلى معايير االرتباط بالشؤون العامة مثل معدل التصويت في االنتخابات أو االجتماعات العامة التي تم حضورها على المستوى التعليمي أو الثقافي أو الخدمي ومعايير التطوع المجتمعي كالعمل في مؤسسات غير ربحية أو عدد مرات العمل التطوعي )بوتنام 2000(. واعتبرت بعض الدراسات أن العمل التطوعي هو جزء من مكون القيم المشتركة وليس ضمن الشبكات )نصر وهالل 2007( وبعضها اعتبره مكون منفصل عن مكونات رأس المال االجتماعي )بوتنام 2000(. اعتبرت الدراسة أن مكون الشبكات مؤلف من أربع معايير أساسية وهي مشاركة األفراد في اتخاذ القرار والعمل التطوعي والتعاون على حل المشكالت ومشاركة المرأة. وينطلق التقرير من هذا التحديد من التعرف على طبيعة الشبكات من خالل تفاعل األفراد في المجتمع من خالل المشاركة في اتخاذ القرار على المستوى المحلي وتعاونهم لحل المشكالت ودرجة انخراطهم في العمل الطوعي ودور المرأة بشكل خاص في المجتمع. المشاركة في اتخاذ القرار وي عنى هذا المؤشر حسب دليل الباحث الذي تم اعتماده في مسح حالة السكان 2014 بالسؤال على مدى إتاحة المشاركة لجميع األفراد وبفعالية ودون استثناء أحد في عملية اتخاذ قرار يتعلق بمصالح أبنائها داخل المنطقة المدروسة يتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي أبدا ونادرا وأحيانا وغالبا ودائما. وهذه المشاركة تتعلق بالمشاركة في اتخاذ القرار على المستوى الرسمي الحكومي وعلى المستوى المحلي غير الرسمي. تظهر النتائج تراجع دليل المشاركة في اتخاذ القرار داخل المنطقة وسطيا على مستوى سوريا من 0.59 قبل األزمة إلى 0.44 في أثنائها )الشكل 1( كما يالحظ التباين في النتائج حسب المحافظات والمناطق المختلفة قبل األزمة وأثناءها حيث تشير نتائج قبل األزمة إلى أن مؤشر المشاركة في فئة "مرتفع" في محافظات القنيطرة والسويداء والرقة قبل األزمة وتتميز هذه المحافظات بأنماط من العالقات والروابط األولية الذي يغلب عليها نفوذ العائلة والعشيرة والقبيلة )بطاطو 1999( وتم اعتماد الكثير من هذه العالقات قبل دولتية التي تتميز بقوتها وثباتها في المشاركة في المؤسسات الرسمية. بالمقابل نجد أن الحسكة هي األضعف أداءا )0.50( والتي لها خصوصية من حيث التنوع القومي واإلثني وقد عانت من تحيز ضد األكراد. كما عانت العاصمتان السياسية واالقتصادية دمشق وحلب من أدنى النسب في المشاركة في اتخاذ القرار وتتميز هاتان المحافظتان بأشكال أكثر مدنية وتخف فيهمها العالقات والروابط األولية التقليدية لتصبح أكثر تنظيما مما يشير إلى ضعف المشاركة المدينية المبنية على العالقات األفقية وهيمنة أجهزة الدولة التسلطية هناك. عانت العاصمتان السياسية واالقتصادية دمشق وحلب من أدنى النسب في المشاركة في اتخاذ القرار يالحظ التباين في النتائج حسب المحافظات والمناطق المختلفة قبل األزمة وأثناءها حيث تشير نتائج قبل األزمة إلى أن مؤشر المشاركة في فئة "مرتفع" في محافظات القنيطرة والسويداء والرقة قبل األزمة وتتميز هذه المحافظات بأنماط من العالقات والروابط األولية الذي يغلب عليها نفوذ العائلة والعشيرة والقبيلة

28 المركز السوري لبحوث السياسات 28 يالحظ بأن المشاركة في اتخاذ القرار كانت متدنية قبل األزمة في ظل االستبداد السياسي وتدهورت بشكل حاد في أثناء األزمة الحالية وخاصة في مناطق النزاع العسكري حيث غيبت القوى العسكرية واألمنية إمكانيات المشاركة وساد االضطهاد وإخضاع المواطنين. إذ تراجعت مؤشرات المشاركة في كافة المحافظات حيث تعرضت المؤسسات الرسمية وغير الرسمية إلى تغير جوهري في األدوار وغابت المؤسسات العامة في الكثير من المناطق وحلت محلها سلطات محلية غير تابعة للحكومة كما أن النزاع غير دور الكثير من المؤسسات إلى أداة إلقصاء وإخضاع الناس كجزء من آلة الحرب. ونالحظ أن أكثر المحافظات تأثرا كانت الرقة والحسكة ودير الزور وإدلب وحلب األمر الذي يدل على دور النزاع المسلح واآلثار الكارثية التي لحقت بآليات المشاركة في القرارات التي تهم القاطنين في المنطقة المدروسة. وبالسؤال عن أسباب انخفاض المشاركة التي لحظها المسح تم التأكيد على تحكم قوى التسلط بالقرارات وتراجع الثقة بالمؤسسات وعدم الشعور باألمان والنزاع المسلح. إذ أشار العديد من المناطق في دمشق أن "القرارات ال يشارك فيها أحد وهي بيد أصحاب النفوذ وتخضع لتدخالت اللجان الشعبية والحزبية" وفي أحياء من حلب "المسلحون هم أصحاب القرار" أما في إدلب فإن المشاركة في اتخاذ القرار "كانت خاضعة للتمييز والمحسوبيات قبل األزمة وسيطرة المسلحين في أثنائها". يذكر بأن الكثير من المناطق مع انطالق الحراك المجتمعي شهدت تحسنا في المشاركة والذي انعكس في نشوء تجمعات ومبادرات مدنية خلصت إلى ترتيبات مرتبطة بانتخابات على مستويات محلية غير رسمية لكن مع اندالع النزاع المسلح عرقلت قوى التسلط هذه الخطوات وعاد اإلقصاء من المشاركة لمعظم السوريين. أكثر المحافظات تأثرا كانت الرقة والحسكة ودير الزور وإدلب وحلب األمر الذي يدل على دور النزاع المسلح واآلثار الكارثية التي لحقت بآليات المشاركة في القرارات التي تهم القاطنين في المنطقة المدروسة 39.4% الشكل )1(: المشاركة دون تمييز في عملية اتخاذ القرار داخل المنطقة )قبل وأثناء األزمة( أثناء األزمة قبل األزمة 45% 40% 32.5% 35% 24.9% 27.3% 25.7% 30% 25% 17.7% 16.5% 20% 15% 8.6% 10% 2.9% 4.4% 5% 0% دائما غالبا أحيانا نادرا أبدا المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات

29 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 29 على الرغم من التكاتف والتعاضد االجتماعي الذي ظهر جليا في بداية الحراك المجتمعي إال أن استثمار قوى التسلط في تسييس الهوية واستخدام القوة المسلحة إلخضاع المجتمع أدى إلى انقسامات مجتمعية حادة وغياب للضوابط والقيم التعاون لتجاوز المشاكل ي عنى هذا المؤشر حسب دليل الباحث الذي تم اعتماده في مسح السكان بالسؤال التالي: في حال حدوث مشكلة عامة لبعض أفراد المجتمع أو خاصة ألحدهم هل يقوم اآلخرون بشكل عام بالمساعدة في معالجتها مثال وقوع أحد األهالي بمشاكل مالية أو التعرض للسلب والسرقة أو مشكلة عامة كنقص عام بالمواد الغذائية المتوفرة في المنطقة. ويتضمن الشرح توضيح األسباب الرئيسية لحالة التعاون بين أفراد المجتمع. يتراوح المؤشر بين خمسة خيارات هي أبدا ونادرا وأحيانا وغالبا ودائما. استخدم نصر وهالل )2007( مؤشر مشابه لهذا المؤشر من خالل السؤال عن إمكانية االعتماد على اآلخرين في حالة الطوارئ وصنفه ضمن مكون الشبكات أيضا بينما اعتمد عدد كبير من البحوث على الطريقة التجريبية لقياس مستوى التعاون ولم يرد مثل هذه المؤشر بشكل مباشر لدى بوتنام )بوتنام 2000 (. تشير نتائج المسح أن دليل التعاون لحل المشاكل في المجتمع المحلي تراجع من 0.75 قبل األزمة إلى 0.63 أثناء األزمة )الشكل 2(. وقد حقق التعاون نتائج مرتفعة نسبيا قبل األزمة خاصة في محافظات السويداء وريف دمشق ودير الزور وطرطوس ودرعا بينما حقق أضعف نتائج في الالذقية ودمشق وحماة وحمص مما يوضح تراجع مستويات التعاون في المدن الكبيرة مقارنة بالمدن الصغيرة واألرياف حيث تكون العالقات المجتمعية التقليدية في األخيرة أكثر رسوخا. وقد أثرت األزمة على عالقات التعاون بشكل جوهري وبأشكال مختلفة وأحيانا متناقضة حيث ضاعف النزاع معاناة األفراد على كافة المستويات اإلنسانية واالجتماعية واالقتصادية وعلى الرغم من التكاتف والتعاضد االجتماعي الذي ظهر جليا في بداية الحراك المجتمعي إال أن استثمار قوى التسلط في تسييس الهوية واستخدام القوة المسلحة إلخضاع المجتمع أدى إلى انقسامات مجتمعية حادة وغياب للضوابط والقيم. وفي مراحل الحقة تفاقم الوضع االقتصادي واالجتماعي وازدادت الهوة بين المجتمع والقوى المسيطرة مما أدى للعودة إلى الروابط ما قبل دولتية كروابط الدم والروابط اإلثنية والدينية التي تضعف العالقات االجتماعية الواصلة بين الجماعات واألفراد. لقد تراجع دليل التعاون بين األفراد لحل المشاكل في معظم المحافظات وبشكل خاص في المناطق التي عانت من القتال مثل الرقة وإدلب ودير الزور ودرعا وريف دمشق وحلب أو من انقسام حاد مثل الحسكة. بينما كانت المساحة المتاحة للتعاون أعلى نسبيا في المناطق التي كانت أقل معاناة من القتال والتي استقبلت النازحين مثل دمشق وطرطوس والسويداء حيث تحسن مؤشر التعاون في دمشق من 0.68 قبل األزمة إلى 0.73 في أثنائها وكذلك الحال ولكن بدرجة أقل في طرطوس وحماه حيث ازدادت مستويات التعاون بين األفراد لتجاوز المشاكل أثناء األزمة زيادة طفيفة فقد تم اإلشارة في بعض مناطق حماة إلى أن " أبناء المنطقة يحاولون التعاون قدر استطاعتهم لتجاوز آثار األزمة". من جهة أخرى انخفض مستوى التعاون بين األفراد بشكل كبير وخاصة المناطق التي شهدت عمليات نزوح كبيرة والتي تعرضت إلى نزاعات مسلحة وقصف ممنهج وسيطرة من الجماعات المسلحة المتشددة مثل داعش فشهدت الرقة على سبيل المثال انهيارا كبيرا في مستوى التعاون بين األفراد أثناء األزمة حيث تراجع المؤشر من 0.77 إلى 0.25 كما تراجع في الحسكة التي تمتاز بتنوع إثني وقومي من 0.75 إلى 0.48 مع تعدد القوى المسيطرة والتفاوت في الرؤية للمستقبل وعبر البعض عن ذلك بأن مستوى التعاون انخفض "نتيجة اختالف وجهات النظر بين السكان وانقسامهم". كذلك األمر في إدلب ودير الزور التي عانت من النزاع المسلح بشكل كارثي.

30 المركز السوري لبحوث السياسات 30 الشكل )2(: التعاون لتجاوز المشاكل )قبل وأثناء األزمة( أثناء األزمة قبل األزمة 66.2% 70% 60% 49% 50% 40% 25.3% 30% 3.9% 1.2% 10.8% 14.7% 17.8% 10.9% 20% 10% 0% دائما غالبا أحيانا نادرا أبدا المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات تطرح هذه النتائج العديد من التساؤالت حول أسباب التباين في مستويات التعاون وتعزي بعض الدراسات ذلك إلى عوامل عديدة مثل بنية المجتمع المدروس وطبيعة العالقات والشبكات والعالقات االقتصادية واالجتماعية والسياسية إضافة إلى درجة الثقة بين أفراد وجماعات المجتمع وفيما بينهم )فيلد 2003( إضافة إلى دور الشبكات والعالقات والروابط االجتماعية والنشاطات األهلية والمؤسساتية وتوقع العمل الجماعي )ادواردس 2001(. يعتبر ساكوني وأنتوني )2010( أن تراكم رأس المال االجتماعي يعتمد على مجموع العوائد المتوقعة من التعاون في الشبكة االجتماعية ألي فاعلين يحاوالن التعاون. ويرى ادواردس )2001( أن الروابط التنظيمية والفردية من جهة والنشاطات األهلية والمدنية من جهة أخرى تلعب دورا رئيسيا في التنبؤ بقابلية العمل الجماعي والعائد االجتماعي منه. لذلك فإن التعاون والفعل الجماعي بين األفراد لتحقيق هدف محدد يحتاج إلى مستوى مرض من الثقة المتبادلة من جهة واندماج وتكامل في البنية االجتماعية كي تسمح للشبكات والعالقات بين األفراد أن تتفاعل بطريقة فعالة. وهو بالنتيجة يراكم على التجربة المتكررة بين األفراد والجماعات التي تعزز بدورها الثقة المتبادلة وقيمة التعاون المتبادل والفعال فيما بينها. لقد تهشمت العالقات بين األفراد وقيم التعاون والثقة المتبادلة أثناء األزمة في الكثير من المناطق. ويعتبر ذلك من أهم العوامل التي أظهرتها النتائج حسب المسح والتي ساهمت في تفكيك الروابط والعالقات االجتماعية وخلقت جوا من فقدان الثقة نتيجة انتشار وسيطرة القوى المسلحة واألمنية التي اخترقت المجتمع وفرضت نظم اجتماعية واقتصادية وسياسية مبنية على الخوف واإلخضاع وكراهية اآلخر وتسييس الهوية كما هو الحال في الرقة وحمص وحلب.

31 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 31 من الممكن فهم طبيعة الشبكات من خالل المرجعيات التي يعتمدها المجتمع لحل المشكالت والتي تدخل ضمن عملية اتخاذ القرار. من المألوف في المجتمع السوري أن يحل األفراد والجماعات مشكالتهم من خالل مجموعة من العادات الموروثة الثابتة بين العائلة واألصدقاء والجيران حيث يتدخل في حل المشكالت والنزاعات الوجهاء ورجال الدين والمشايخ والشخصيات االجتماعية البارزة ذوي المكانة االجتماعية الرفيعة في هذه المجتمعات كمرحلة تسبق عملية اللجوء إلى الجهات القضائية الرسمية التي تنظم القانون العام في المجتمع. تختلف هذه العادات واألعراف بين المراكز واألطراف والمناطق الريفية والمدنية وبين األقاليم المختلفة. ويعكس هذا السلوك نمط الشبكات والعالقات التي تؤسس بنية المجتمع وطبيعة العالقات المشتركة واألعراف والثقافات السائدة في المجتمع. ظهرت منذ بداية السبعينات أنماط جديدة من العالقات المبنية على شخصيات السلطة الحاكمة والتي اعتمدت على سلطتها الرسمية وشبكة من العالقات الزبائنية أو العالقات المبنية على السلطة األمنية التي اخترقت الروابط التقليدية من جهة واستغلتها في تمكين نفوذها من جهة أخرى على سبيل المثال كبار أعضاء حزب البعث في المحافظات والمناطق وكبار الموظفين الرسميين وكبار أعضاء المجالس المحلية وكبار الشخصيات األمنية أو الضباط في الجيش. أصبح كل هؤالء مرجعيات أساسية لحل المشكالت وخاصة المتعلقة بالمال والممتلكات الخاصة أو العامة بمقابل نقدي أو عيني )هاينبوش 2012(. يمكن القول إن هذه المرجعيات حلت محل المرجعيات التقليدية وهمشتهما وفي كثير من األحيان تحالفت معها لتحقيق مصالحها الخاصة مما أضر بمؤسسات الدولة ونفوذها وأثر على بنية المجتمع والعالقات االجتماعية السائدة والثقة بين األفراد والجماعات المختلفة. الجدول رقم )2(: أهم المرجعيات التي استخدمها أبناء المناطق المدروسة لحل مشكالتهم في أثناء األزمة ال يذهبوا ألحد القوى األمنيه الرسميه أشخاص نافذين بالمجتمع الشيخ / رجل الدين كبير األسرة القضاء محكمة شرعية قيادات التظيمات المسلحة وحدات الحماية الشعب الكردية 0.00% 0.00% 4.03% 30.46% 4.21% 3.65% 24.18% 32.23% دمشق 1.24% 0.00% 0.88% 8.70% 11.09% 13.10% 22.55% 25.60% 15.22% حلب 2.87% 0.00% 0.10% 8.99% 10.97% 13.42% 18.31% 31.72% 16.50% ريف دمشق 0.00% 0.00% 0.00% 1.34% 22.51% 6.35% 14.86% 25.97% 28.97% حمص 0.00% 0.00% 0.00% 0.00% 22.38% 14.30% 10.12% 26.98% 26.22% حماة 0.00% 0.00% 0.15% 0.15% 30.47% 14.10% 9.89% 17.66% 27.58% الالذقية 0.00% 0.00% 0.00% 17.38% 7.08% 10.52% 27.23% 30.16% 7.63% ادلب 0.00% 13.32% 6.56% 21.96% 3.24% 14.76% 9.91% 27.06% 3.19% الحسكة 0.00% 0.00% 0.00% 4.64% 2.49% 29.33% 27.79% 32.20% 3.56% دير الزور 0.00% 0.00% 0.00% 1.48% 25.19% 13.49% 6.98% 20.53% 32.32% طرطوس 0.00% 0.00% 0.00% 54.01% 0.00% 0.00% 26.65% 19.34% 0.00% الرقة 0.00% 0.00% 0.10% 1.80% 9.54% 17.91% 19.29% 35.08% 16.28% درعا 0.00% 0.00% 0.00% 1.09% 10.57% 23.86% 14.63% 28.76% 21.08% السويداء 0.00% 0.00% 0.00% 0.00% 18.15% 28.98% 15.19% 33.33% 4.35% القنيطرة 0.00% 0.99% 0.67% 8.01% 14.99% 13.24% 16.30% 26.91% 18.29% سوريا 0.61% المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات

32 المركز السوري لبحوث السياسات 32 رصد مسح السكان أهم المرجعيات التي يعود إليها أبناء المناطق المدروسة لحل مشكالتهم في أثناء األزمة ويظهر الجدول رقم )2( أن الشخصيات النافذة ذات المكانة االجتماعية تحتل المرتبة األولى كمرجعية لحل المشكالت بنسبة )26.9%( يليها كبار الموظفين األمنيين )18.3%(, بينما حل رجال الدين في الرتبة الثالثة بنسبة )16.3%( يليها السلطة القضائية )15.0%( ومن ثم كبير األسرة )13.2%(. وتعكس هذه النتائج ضعف الثقة بالسلطة القضائية ودور القانون والمؤسسات الرسمية بشكل عام لتحل محلها العالقات غير الرسمية. كما يدل ذلك على الدور الرئيسي للشبكات العمودية التي تؤكد حكم الشبكات والعالقات التقليدية في المجتمع من خالل الشخصيات النافذة مجتمعيا والعائلة والفاعلين الدينين والتي يلجأ إليهم حوالي 57% من السكان وسطيا والقوة الثانية من حيث النفوذ هي القوى األمنية والعسكرية التي تلعب دورا مباشرا في الحياة المجتمعية للسكان األمر الذي يعكس انحراف هذه األجهزة عن دورها في الحفاظ على األمن واألمان لتكون أداة تتدخل في حياة السكان وشؤونهم بعيدا عن سلطة القانون وعدالة القضاء. وتشير هذه النتائج أن القوى التقليدية واألمنية عطلت الجهاز القضائي وبالتالي أوقفت عمل واحدة من أهم السلطات في الدولة وتفاقم هذا التدهور مع النزاع المسلح حيث سادت الفوضى واالقتتال وأصبح للقوى التقليدية والعسكرية الكلمة العليا حتى في القضايا االجتماعية. وتجدر اإلشارة هنا إلى ظاهرة المحاكم الشرعية حيث انتشرت في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتتفاوت بالشكل والمضمون من حيث المرجعية القانونية أو الشرعية وآليات العمل إال أنها عكست نكوصا خالل النزاع حيث عادت الكثير منها لما قبل النظام القضائي الحديث الذي يستند إلى شرعة حقوق اإلنسان والحقوق المدنية ويضبط الجميع وفق قواعد قانونية موحدة. وبالرغم من اإلشتراك في السمات العامة إال أن التفاوت يتضح بين المحافظات ويعكس الطبيعة المعقدة للنزاع المسلح حيث توضح نتائج المسح على المستوى المحلي أن الشخصيات ذات المكانة االجتماعية تلعب الدور الرئيسي في حل المشكالت في معظم المحافظات عدا دمشق وطرطوس والالذقية إذ تمتلك القوى األمنية النفوذ األكبر وفي الرقة حيث تلعب المحاكم الشرعية الدور األبرز. إضافة إلى ذلك يحتل رجال الدين مرتبة هامة كمرجعية لحل المشكالت في كل من حلب وإدلب وريف دمشق ودرعا والرقة. مما يشير إلى التشظي الذي تعرضت لها آليات المجتمع في معالجة مشاكله وينطبق هذا التفاوت بين المناطق في كل محافظة. إن هذه العودة إلى اآلليات التقليدية وتعزيز دور القوى األمنية والعسكرية يضاعف من التحديات المستقبلية في بناء آليات مدنية سلمية وديمقراطية في حل النزاعات ضمن المجتمع السوري. العمل التطوعي اعتبرت بعض الدراسات أن العمل الطوعي هو مكون منفصل من مكونات رأس المال االجتماعي ومؤشر صحي لسالمة المجتمع وتقدمه )بوتنام 2000(. ويقصد بالعمل الطوعي الذي تم السؤال عنه في المسح األنشطة المتعلقة بالصالح العام في المنطقة في حال تواجدها هل تكون متاحة للجميع للمساهمة بها دون تمييز من حيث اإلنتماء االجتماعي أو الثقافي أو المهني. ويتضمن الشرح أسباب عدم المشاركة إضافة إلى غياب األنشطة التطوعية أو انتشارها. للمشاركة في األعمال التطوعية مكانة هامة في المجتمع والتقاليد السورية وال تتحدد ضمن األطر التقليدية فقط بل تظهر في العالقات األفقية وفي األرياف والمدن على حد سواء. ويندرج العمل الطوعي في األعراف السورية بأشكال مختلفة من السلوكيات والعادات السائدة. وال تأخذ بالضرورة أشكال منظمة بل تتجسد في تفاصيل كثيرة في الحياة اليومية وفي المناسبات االجتماعية كاألعراس والمآتم وفي حال وقوع كوارث طبيعية إال أن العمل التطوعي كان في مستويات متواضعة قبل األزمة نتيجة ضعف المشاركة المجتمعية في ظل القيود التي كان تفرضها المؤسسات االستبدادية على النشاط المجتمعي. لقد ازداد هذا النشاط الطوعي خالل األزمة التي حفزت العديد من الشباب للعمل الطوعي غير المنظم وخاصة في المناطق المستقبلة للنازحين من مناطق النزاع تشير هذه النتائج أن القوى التقليدية واألمنية عطلت الجهاز القضائي وبالتالي أوقفت عمل واحدة من أهم السلطات في الدولة وتفاقم هذا التدهور مع النزاع المسلح حيث سادت الفوضى واالقتتال وأصبح للقوى التقليدية والعسكرية الكلمة العليا حتى في القضايا االجتماعية

33 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 33 على الرغم من صعوبة العمل الطوعي في مناطق النزاع ولكنه لعب دورا كبيرا في تخفيف المعاناة في هذه المناطق والتي ساهم في تنظيمه أهل المنطقة أنفسهم بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية أو المناطق التي عانت من القتال حيث تم العمل على تقديم المساعدة الطبية أو تقديم الغذاء والكساء وصوال إلى تشكيل تنظيمات ومجالس محلية لمساعدة األفراد على تجاوز المعاناة اإلنسانية التي يقاسونها حيث تم تشكيل مئات المبادرات التطوعية التي تقدم المأوى والمقومات األساسية للحياة من دعم اجتماعي ونفسي وخدمات التعليم والصحة والغذاء والكساء والتي شارك فيها الشباب. وقد تم رصد العديد من هذه الفعاليات من خالل زيارات ميدانية لمراكز اللجوء ومقابالت مع األطفال واألهالي وبعض المسؤولين من الجمعيات األهلية والشباب المشاركين في هذه النشاطات. وعلى الرغم من صعوبة العمل الطوعي في مناطق النزاع ولكنه لعب دورا كبيرا في تخفيف المعاناة في هذه المناطق والتي ساهم في تنظيمه أهل المنطقة أنفسهم بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية. إال أن طبيعة النزاع القاسية وتغول قوى التسلط جعل من هذه المبادرات مقيدة وتتعرض لمخاطر عالية تتضمن القتل والتغييب القسري حيث استخدمت قوى التسلط المساعدات والموارد المتاحة لخدمة أهدافها في السيطرة والقهر للقوى المجتمعية الحية بما في ذلك التمييز بين الموالي والمعارض وتسخير ما تبقى من قوى مادية والمادية لصالح استعار العنف. في هذا اإلطار تشير نتائج المسح أن مستوى المشاركة المجتمعية في األعمال التطوعية تراجع بشكل طفيف بشكل عام في سوريا من 0.59 قبل األزمة إلى 0.51 أثناء األزمة )الشكل 3(. الشكل )3(: المساهمة في األعمال التطوعية )قبل وأثناء األزمة( أثناء األزمة قبل األزمة 40.4% 33.8% 36.6% 30.2% 45% 40% 35% 30% 25% 17.6% 20% 11% 12.9% 8.4% 7.5% 15% 10% 1.7% 5% 0% دائما غالبا أحيانا نادرا أبدا المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات

34 المركز السوري لبحوث السياسات 34 كما تظهر النتائج تباين في مستوى المشاركة بين المحافظات والمناطق المختلفة وازدادت حدة هذا التباين بشكل أكبر في أثناء األزمة. فقد ازدادت المشاركة في األعمال التطوعية في طرطوس وحمص والسويداء ودمشق إذ ازداد العمل التطوعي مع النازحين في ظل األمان النسبي للعاملين في هذه المناطق وذكر عدد من األشخاص المفتاحيين في دمشق والسويداء أن "الكثيرين يساهمون في األعمال اإلغاثية وتوفير المستلزمات للقادمين من المناطق المنكوبة". بينما انخفضت المشاركة في الرقة ودرعا وريف دمشق التي أشار المبحوثون في بعض مناطقها إلى "ابتعاد الناس عن بعضهم نتيجة النزاع". وتشير النتائج إلى أن المناطق التي تعرضت إلى التدمير والحصار والعمليات القتالية والتي ازدادت معاناة األفراد فيها هي التي يشارك أفرادها بشكل أقل في األعمال التطوعية نتيجة الخوف بشكل رئيسي وازدياد الحاجة إلى تلبية متطلبات الحياة اليومية. مشاركة المرأة لقد اعتمد البحث مؤشر المشاركة االجتماعية للمرأة كأحد مكونات دليل الشبكات في إضافة إلى أدبيات رأس المال االجتماعي انطالقا من داللة مساهمة المرأة في المجتمعات التي تسود فيها البنية البطريركية الذكورية والتي تقصي المرأة من المشاركة الندية والفاعلة في المجتمع مما يدفع النساء إلى البحث عن المشاركة بأشكال غير مباشرة وغير منظمة. ويعني المؤشر ضمن المسح مشاركة المرأة في األنشطة االجتماعية العامة وتتضمن المشاركة في األعمال التطوعية العامة مثل مبادرات تعليمية وصحية وتكافل اجتماعي إضافة إلى المشاركة في األنشطة الثقافية العامة ويتضمن الشرح أسباب الوضع الحالي والسابق لهذه المشاركة. وتشير نتائج البحث إلى أن مشاركة المرأة االجتماعية تراجعت بشكل حاد من 0.69 قبل األزمة إلى 0.51 في أثنائها على المستوى الوطني )الشكل 4(. وقد عانت المرأة قبل األزمة من أشكال متعددة من التهميش على مختلف الصعد التشريعية )قانون األحوال الشخصية على سبيل المثال( واالجتماعية واالقتصادية والسياسية. وتتفاوت المشاركة االجتماعية للنساء بين المحافظات والمناطق بشكل كبير والالفت هو المشاركة الضعيفة في المحافظات الكبرى مثل حلب ودمشق بينما كانت المشاركة مرتفعة نسبيا في بعض المناطق ذات الطابع الريفي مما يثير الكثير من األسئلة حول ضعف البنى المدنية األفقية لمشاركة المواطنين بشكل عام والنساء بشكل خاص. ومن الجدير بالذكر أن المعاناة الهائلة التي تعرضت لها النساء خالل النزاع قد يؤثر في نظرة المبحوثين للمشاركة قبله حيث يميل الكثيرون إلى رؤية الفترة قبل الحروب بطريقة إيجابية مبالغ بها قياسا للوضع الراهن أثناء القتال. تظهر النتائج في أثناء األزمة على مستوى المحافظات أن هناك تراجع شمل كل المحافظات باستثناء طرطوس التي لم يتغير فيها المؤشر حيث شهدت الرقة انهيارا في مشاركة المرأة وتعرضت المشاركة في كل من دير الزور وحلب إلى تراجع حاد ومن األسباب التي أوردها المبحوثون في عدد من أحياء مدينة حلب "المجتمع الذكوري والخوف على المرأة من الخطف والمخاطر". بينما كان التراجع أقل وطأة في حمص ودمشق والسويداء كما سجلت بعض مناطق حماة "مشاركة ملحوظة للمرأة بالعمل اإلغاثي واإلسعافي". وهناك فوارق كبيرة بين المناطق ضمن كل محافظة على سبيل المثال عامودا والقحطانية في الحسكة حيث المشاركة أفضل في األولى مقارنة بالثانية. وتظهر النتائج تراجع مشاركة المرأة في المناطق المدروسة التي شهدت نزاعا مسلحا كثيفا حيث يستهدف دور النساء في المشاركة المجتمعية وكما ساهم تسييس الهوية وتفشي التطرف في إقصاء النساء. وتظهر العديد من الدراسات والشهادات على بشاعة الحرب تجاههن حيث انتشر القتل والتمثيل بالجثث واالتجار بالنساء واستعبادهن حرفيا واالغتصاب وتزويج القاصرات. وقد لعب عامل الخوف بحسب المسح دورا رئيسيا في تراجع مشاركة المرأة في الحياة االجتماعية من خالل الحد من حرية الحركة نظرا النتشار مظاهر العنف من قبل الجهات األمنية إضافة إلى "سيطرة المتطرفين الذين يمارسون االنتهاكات ضد حرية المرأة عبر المؤسسات المسيطرة واستخدامهم القوة لفرض أنماط عيش على النساء والمجتمع" )شربجي وكوجان 2016(.

35 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 35 لقد ساهم االستبداد والعصبية والتطرف في تهميش دور النساء االجتماعي ورغم ذلك ازداد دورهن في حمل عبء األسر ومساعدة المتضررين والمصابين والفئات المجتمعية المهمشة لقد ساهم االستبداد والعصبية والتطرف في تهميش دور النساء االجتماعي ورغم ذلك ازداد دورهن في حمل عبء األسر ومساعدة المتضررين والمصابين والفئات المجتمعية المهمشة كالنازحين إضافة إلى تمسكهن بحقوقهن كما أشارت إلى ذلك إحدى السيدات بالقول "كيف يمكن أن نصبح الجئين هذه أرضنا وبيوتنا وحياتنا" )الرابطة السورية للمواطنة 2017(. واستمرت معاناة النساء مع تغول بعض القوى المجتمعية والعودة إلى أنماط اجتماعية غير متمدنة. لكن العديد من المبادرات تكونت خالل األزمة من المجموعات النسوية والجمعيات المدنية في معظم المناطق والمحافظات التي ساهمت في العمل المدني والسياسي بكافة أشكاله وأصبح للمرأة في تلك المناطق دورا فاعال في النشاط االجتماعي والخدمي كالدفاع المدني ومراكز التعليم البديل والدعم النفسي وغيرها كما تصاعد مشاركة المرأة في هذا النشاط إلى حد يمكن اعتبارها شريك ا أصيال في الميادين االجتماعية الخدمية المختلفة وهو ما يعزيه كثيرون إلى درجة وعي المرأة وتفاعلها مع المؤسسات والهيئات التي ت ساهم في بناء المجتمعات المحلية في هذه المناطق )أمين 2016(. الشكل )4(: مشاركة المرأة )قبل وأثناء األزمة( 27.3% 42.1% 42.4% 48% 30.3% 60% 40% 9.9% 20% أثناء األزمة 0% قبل األزمة جيدة مقبولة سيئة المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات التراجع في مشاركة المرأة االجتماعية كان األكثر مساهمة في تراجع دليل المشاركة والشبكات دليل الشبكات والمشاركة المجتمعية باالعتماد على المؤشرات األربعة سابقة الذكر )المشاركة في اتخاذ القرار التعاون لحل المشاكل العمل التطوعي مشاركة المرأة( تم حساب دليل الشبكات والمشاركة المجتمعية والذي يعتبر المكون األول من دليل رأس المال االجتماعي. تم بناء المكون بعد تنميط المؤشرات األربعة إلى قيم بين الصفر والواحد إضافة إلى التثقيل بعدد سكان المنطقة المدروسة وذلك عند حسابه على مستوى المحافظة وعلى المستوى الوطني. تظهر النتائج تراجع دليل الشبكات والتشاركية ومحتوياته على المستوى الوطني في أثناء األزمة بشكل واضح إذ انخفض من 0.66 قبل األزمة إلى 0.52 في أثنائها. وبالنسبة لمؤشراته الفرعية تشير النتائج إلى أن التراجع في مشاركة المرأة االجتماعية كان األكثر مساهمة في تراجع دليل المشاركة والشبكات بنسبة 33% بينما ساهم كل من المشاركة والتعاون والتطوع بالنسب التالية على التوالي 29% و 23% و 15%. مما يظهر أثر النزاع المسلح المتفاوت وخطورة طول فترة األزمة ومضاعفاتها على فعالية الشبكات والمشاركة المجتمعية )شكل 5(.

36 المركز السوري لبحوث السياسات 36 الشكل رقم )5(: المساهمة النسبية في تراجع دليل المشاركة والشبكات حسب مكوناته التعاون 23% مشاركة المرأة 33% المشاركة 29% التطوع 15% المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات وبالرغم من تراجع كافة المؤشرات إال أن تعاون األفراد لحل مشاكلهم ظل األعلى مقارنة ببقية المؤشرات وهو يشير إلى ضرورة هذا النمط من العالقات االجتماعية لتجاوز اآلثار المدمرة للنزاع لكن التعاون ضمن المنطقة المدروسة ال يعكس بالضرورة تعاونا عابرا للمناطق بل يكون أحيانا عكسيا حيث يكون التفاعل محليا لكن مع تفشي االستقطاب قد يكون معاديا للتفاعل مع بقية المناطق واألفراد وهنا تبرز أهمية التمييز بين تعاظم العالقات بين فئات أو مجتمعات محلية محددة )العالقات العامودية( على حساب رأس المال االجتماعي على المستوى الوطني )العالقات األفقية(. حيث يحرض التعصب على التعاضد على أساس روابط الدم أو المنطقة أو الدين على حساب التعاضد على المستوى المدني بين مختلف المواطنين دون تمييز ومن أمثلة ذلك نتائج كل من حي الوعر والزهراء في حمص اللذين يختلفان في بنيتهما االجتماعية وفي الظروف التي تعرضت لها كل منطقة خالل األزمة وبالتالي التعاون ضمن الوعر ال يعني تعاونا عابرا للمناطق. كما يالحظ أن المشاركة في اتخاذ القرار كانت األسوأ أداء بين مؤشرات مكون الشبكات مما يشير إلى طبيعة القوى السياسية واالجتماعية المسيطرة حيث ال مكان للمشاركة في ظل هيمنة التسلط. تعاون األفراد لحل مشاكلهم ظل األعلى مقارنة ببقية المؤشرات وهو يشير إلى ضرورة هذا النمط من العالقات االجتماعية لتجاوز اآلثار المدمرة للنزاع

37 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 37 الشكل )6(: مكون الشبكات والمشاركة المجتمعية ومؤشراته على مستوى سوريا )قبل وأثناء األزمة( قبل األزمة األزمة التعاون التطوع المشاركة مشاركة المرأة الشبكات المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات وي الحظ االختالف في دليل الشبكات والمشاركة المجتمعية بين المحافظات بشكل نسبي قبل األزمة إال أن التباين ازداد بشكل حاد خالل األزمة. األمر الذي يعكس اختالف طبيعة العالقات االجتماعية بين المحافظات حيث يزيد في المحافظات الصغيرة والتي غالبا ما تظهر فيها درجة أكبر من التعاضد بين أفراد المجتمع المحلي. ويبين الشكل 7 أن حلب ودمشق من أقل المحافظات التي تمتلك مخزون من العالقات المتينة والتشاركية والعمل التطوعي مقارنة بباقي المحافظات إال أن مكون الشبكات والمشاركة االجتماعية تحسن بشكل بسيط في دمشق أثناء األزمة األمر الذي ي مكن أن ي فسر بزيادة االنخراط في العمل التطوعي لتجاوز آثارها وخاصة مساعدة النازحين الذين قدموا إلى المحافظة. ومن أكثر المحافظات تضررا باألزمة على مستوى الشبكات والمشاركية المجتمعية هي الرقة التي تأثرت بشكل كبير بسيطرة تنظيم الدولة االسالمية )داعش( عليها وساهم ذلك في الحد من فعالية الروابط والعالقات والشبكات وقدرتها على العمل التطوعي أو التعاون فيما بينها لحل المشكالت أو المشاركة في اتخاذ القرار والمشاركة المجتمعية لكل أفراد المجتمع ذكورا واناث. وتليها إدلب والحسكة ودير الزور والتي تعرضت كل منها لعمليات تهجير وأعمال قتالية واسعة مما أثر سلبا على البنية المجتمعية في هذه المناطق وأدى إلى شروخ حادة في العالقات االجتماعية )ملحق 3(. من جهة أخرى يالحظ بأن كال من طرطوس والسويداء التي لم تتعرض ألعمال قتالية واسعة شهدت مستويات أعلى نسبيا من الشبكات الفاعلة والمشاركة المجتمعية.

38 المركز السوري لبحوث السياسات 38 الشكل )7(: مكون الشبكات والمشاركة المجتمعية حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( قبل األزمة األزمة سوريا القنيطرة السويداء درعا الرقة طرطوس دير الزور الحسكة إدلب الالذقية حماة حمص ريف دمشق حلب دمشق المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

39 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 39 ﺣﻠﺐ اﻟﺮﻗﺔ إدﻟﺐ اﻟﺤﺴﻜﻪ اﻻذﻗﻴﺔ ﺣامة دﻳﺮ اﻟﺰور ﻃﺮﻃﻮس دﻣﺸﻖ ﺣﻤﺺ رﻳﻒ دﻣﺸﻖ درﻋﺎ اﻟﺴﻮﻳﺪاء ﻣﻜﻮن اﻟﺸﺒﻜﺎت واﳌﺸﺎرﻛﺔ اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ اﻟﻘﻨﻴﻄﺮة ﻣﻜﻮن اﻟﺸﺒﻜﺎت واﳌﺸﺎرﻛﺔ اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﺛﻨﺎء اﻷزﻣﺔ ﺣﻠﺐ اﻟﺮﻗﺔ إدﻟﺐ اﻟﺤﺴﻜﻪ اﻻذﻗﻴﺔ ﺣامة دﻳﺮ اﻟﺰور ﻃﺮﻃﻮس دﻣﺸﻖ ﺣﻤﺺ 100 Kilometers رﻳﻒ دﻣﺸﻖ اﻟﺴﻮﻳﺪاء درﻋﺎ اﻟﻘﻨﻴﻄﺮة

40 المركز السوري لبحوث السياسات ثانيا : الثقة المجتمعية 40 إن الثقة المجتمعية هي عملية تراكمية يتم تطويرها واكتسابها من التجربة المتبادلة بين األفراد والجماعات وكلما ازدادت التجارب والعائد االيجابي منها ازدادت الثقة وتعززت بين األفراد في المجتمع الواحد. حسب ستون )2001( ت كتسب الثقة من خالل العالقات المتبادلة في المؤسسات التطوعية والعائلة والدولة بما في ذلك المؤسسات السياسية. بينما قسم ديلهي ونيوتن )2003( مفهوم الثقة إلى محورين عريضين واعتبراها كملكية لألفراد أو ملكية للمجتمع. حيث يراكم المجتمع الثقة بين األفراد من خالل المنظمات الطوعية أو الشبكات في المجتمعات المختلفة أو من خالل عدد من الجوانب االجتماعية كدرجة النزاع ومستوى الديمقراطية. كما أنهما وجدا أن الخصائص الديمغرافية والخصائص الفردية االجتماعية والنفسية ال يمكن أن تفسر الثقة وإنما ت فسر بالمقاييس الذاتية والموضوعية للظروف االجتماعية الكلية ودرجة قوة الشبكات االجتماعية غير الرسمية. وتختلف الثقة حسب الزمان والمكان والسياق الذي يتم دراسته وفيما إذا كانت جزءا من الخصائص الشخصية كالهوية أو أنها عملية تراكم ناجمة عن التجارب بين األفراد أو أنها مبنية على أسس مؤسساتية )انهايير وكيندال 2002(. ويساهم نمط المؤسسات والعالقات السائدة كاألنظمة الديمقراطية والمشاركة المدنية في تعزيز الثقة )فاين 2010(. كما تفترض الثقة االجتماعية اتساق القيم األخالقية والمصالح مع الممارسة االجتماعية والسياسية ومبادئ العدالة والمواطنة. وللعدالة االجتماعية أهمية خاصة في الثقة بما يتعلق بالحقوق والحريات والثروة وامتيازات السلطة والظروف االجتماعية والتي تعتبر ضرورية لكرامة اإلنسان إضافة إلى الفرص واإلمكانات المتكافئة )هومانس 1964(. وبحسب كولمان )1988( فإن التبادل االجتماعي ي غني رأس المال االجتماعي من خالل خلق المعايير واألعراف التي تتماسك وت ستدام من خالل نشر ثقافة اجتماعية عامة تساهم في تشكيل بنية المجتمع والعالقات السائدة فيه. هذا بدوره يعزز الثقة ويسهل تدفق المعلومات. وال يختلف األمر سواء كانت العالقات أفقية أو عمودية وكالهما تساهمان في حل مشاكل الفعل الجماعي إال أن نمط العالقات العمودي كالعائلة والقبيلة واإلثنية ال تساهم بدعم الثقة والتعاون في المجتمع ككل كما هو الحال في العالقات األفقية المدنية. واعتبرت معظم األدبيات الحديثة أن الثقة المجتمعية مكون رئيسي من مكونات رأس المال االجتماعي واعتمدت في قياسه على المسوح الميدانية أو البحوث التجريبية )فاين 2010 (. على سبيل المثال اعتمد بوتنام للتعرف على معايير الثقة المجتمعية في بحثه من خالل سؤالين هل توافق على " يمكن الثقة بمعظم الناس" و"معظم الناس شرفاء" )بوتنام 2000 (. بينما اعتمد نصر وهالل )2007( على أسئلة أكثر مباشرة واعتبر الثقة نوعين: الثقة باألفراد والثقة بالمؤسسات. ركز البحث بشكل أساسي على الثقة بين األفراد وعامل األمان الذي يعزز الثقة المجتمعية بشكل عام. ويحمل الشعور باألمان في طياته بعدا إشكاليا فكلما فقد المجتمع اإلحساس باألمان استكان للروابط واألنظمة التقليدية األولية وتمسك بها ألنها تعزز لديه الشعور باألمان وتعزز الثقة المجتمعية المبنية على الروابط التقليدية البطريركية األولية وابتعد عن أنماط الروابط المدنية )فروم 1994(. الثقة بين األفراد ي عنى هذا المؤشر حسب دليل الباحث الذي تم اعتماده في المسح بالسؤال عن الثقة بين أفراد المجتمع وتم تعريفه بشكل واضح على أنه الثقة التي تظهر في قلة عدد الدعاوي القضائية بين األفراد في المجتمع قلة عمليات الغش واالحتيال الميل إلى إنشاء شراكات اقتصادية سهولة اقتراض األفراد بعضهم من بعض ويتضمن الشرح توضيح األسباب الرئيسية لحالة الثقة بين أفراد المجتمع.

41 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 41 إن من أهم العوامل التي تعزز مفهوم الثقة المجتمعية في المجتمع السوري هو قوة العالقات والروابط التقليدية كالعائلة والعشيرة والقبيلة حسب المناطق والمحافظات. وتتميز هذه العالقات والروابط بقوتها واستمراريتها وصعوبة تفكيكها. وتعززت هذه العالقات من خالل الشراكات االقتصادية حيث تغلب على قطاع األعمال الشركات المتوسطة والعائلية واللجوء إلى الشخصيات النافذة مجتمعيا والقادة التقليديين في حل المنازعات ومن أخطر نتائج هذه العالقات انتشار المحاباة وتدخل العالقات العائلية والطائفية والعشائرية واإلثنية في كافة أشكال الحياة االجتماعية والسياسية واالقتصادية )هاينبوش 2012(. تشير نتائج المسح إلى تراجع مؤشر الثقة بين أفراد المجتمع بشكل حاد أثناء األزمة حيث انخفض من 0.74 قبل األزمة إلى 0.51 في أثنائها ويدل ذلك على اآلثار التدميرية لألزمة على الثقة المتبادلة بين األفراد )الشكل 8(. كما يالحظ أن التباين واإلختالف في مستويات الثقة بين المحافظات ازداد بشكل كبير أثناء األزمة مقارنة بفترة ما قبل األزمة حيث ارتفعت مستويات عدم الثقة في األماكن والمناطق التي تعرضت للدمار والمناطق المحاصرة وبلغ التدهور ذروته في الرقة ومن بعدها الحسكة وإدلب ودير الزور. تراجع مؤشر الثقة بين أفراد المجتمع بشكل حاد أثناء األزمة حيث انخفض من 0.74 قبل األزمة إلى 0.51 في أثنائها الشكل )8(: الثقة بين األفراد )قبل وأثناء األزمة( أثناء األزمة قبل األزمة 64.8% 70% 60% 50% 38.4% 40% 23.3% 17.9% 26.7% 15.6% 30% 20% 5.8% 1.7% 5.8% 10% 0% دائما غالبا أحيانا نادرا أبدا المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات

42 المركز السوري لبحوث السياسات 42 لقد أدى توسع الطغيان وتفاقم التعصب إلى تفكك اجتماعي نتيجة استخدام قوى التسلط لوسائل اإلخضاع عبر القتل والتخويف والحصار واحتكار الموارد والخدمات كما أدى الدمار الكبير إلى ازدياد الحاجات الرئيسية دون إمكانية لتشكيل منظمات مجتمعية تمثل مصالح الناس نتيجة تعرضها للترهيب واإلستغالل ومن أسباب عدم الثقة كما لحظها المسح نجد تدفق عدد كبير من الوافدين الجدد إلى المناطق وانتشار العديد من الظواهر المجتمعية السلبية كالسرقة والخطف واالستقطاب السياسي الواسع والعسكرة فقد أشار عدد من األشخاص المفتاحيين أن مستويات الثقة انخفضت نتيجة "توافد أعداد كبيرة من السكان الجدد" في بعض أحياء الالذقية و" التخوف والحذر من الثقة في األفراد نتيجة الظروف السائدة" في عدد من مناطق إدلب. وشهدت المحافظات ذات المستويات األعلى نسبيا للثقة بين أفرادها أثناء األزمة تدهورا في هذا المؤشر مقارنة عما كان عليه قبل األزمة مثل طرطوس ودمشق والالذقية وحماه وهي جميعا من المحافظات اآلمنة نسبيا. وتباينت الثقة بين األفراد بشكل كبير ضمن المحافظات حتى التي لم تشهد أعمال قتالية كبيرة مثل طرطوس والسويداء. ويعكس نمط العالقات في المحافظات االختالف في مستويات الثقة بين األفراد ويساعد الجدول رقم 2 أعاله والذي يشير إلى المرجعيات التي يلجأ إليها األفراد لحل مشكالتهم في التعرف إلى الجهات ذات النفوذ حيث تلعب الجهات األمنية المختلفة والشخصيات االجتماعية ذات المكانة وكبار العائلة ورجال الدين دورا كبيرا في حل المشكالت بينما احتلت السلطة القضائية مرتبة متأخرة في ذلك مما يشير إلى غياب سلطة القانون أو ضعف الثقة بالمؤسسة القضائية. لقد أدى توسع الطغيان وتفاقم التعصب إلى تفكك اجتماعي نتيجة استخدام قوى التسلط لوسائل اإلخضاع عبر القتل والتخويف والحصار واحتكار الموارد والخدمات كما أدى الدمار الكبير إلى ازدياد الحاجات الرئيسية دون إمكانية لتشكيل منظمات مجتمعية تمثل مصالح الناس نتيجة تعرضها للترهيب واإلستغالل. إن نشر العصبيات وتسييس المساعدات اإلنسانية والتهجير القسري أضعف روابط الثقة بين األفراد وحفز ظهور فئات مجتمعية تستقوي بالسالح واالحتكار مما قوض الكثير من قيم الغيرية والتضامن. الشعور باألمان يختبر األفراد والجماعات شعورا محددا بعدم األمان نتيجة للمخاطر المحتملة أو الفعلية ويرتبط ذلك بدرجة وعيهم لهذه المخاطر. وتختلف درجة حساسية المجتمعات للشعور باألمان حسب درجة المخاطر وأنواعها إضافة إلى مجموعة العوامل االقتصادية واالجتماعية والسياسية في كل مجتمع. وعلى الرغم من أن الشعور باألمان ي عتبر من العوامل التي تزيد الثقة المجتمعية بين األفراد كما يلعب دورا في تسهيل وزيادة فعالية عمل الشبكات والعالقات والروابط المجتمعية ولكن حسب التحليل النفسي االجتماعي فقد ارتبط الشعور باألمان وخاصة في المجتمعات التي ترزح تحت حكم أنظمة استبدادية أو قمعية بالخوف األمر الذي يدفع األفراد إلى العودة إلى الروابط األولية كالعائلة والقبيلة واالعتماد على األصدقاء والمعارف والمقربين بدال من الغرباء أو الجماعات األخرى كمصدر أساسي لألمان. لذلك فان ارتفاع مؤشر األمان يساهم بالفعل في الثقة المجتمعية على مستوى الجماعة ولكن ليس بالضرورة على المستوى الكلي. ويرتبط مفهوم األمان بشكل أساسي بمدى انتشار الجريمة على أشكالها وبالتالي كلما ازدادت مستويات الجريمة في بلد ما ارتفع اإلحساس بالخطر وعدم الشعور باألمان )فروم 2001(.

43 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 43 يعني هذا المؤشر حسب دليل الباحث في مسح السكان عدم التعرض لحاالت القتل والسرقة والعنف والخطف وغيرها إضافة إلى القدرة على التنقل بحرية ويتضمن الشرح توضيح األسباب الرئيسية لتدهور أو تحسن حالة األمان في المجتمع. تشير النتائج إلى أن الشعور باألمان على المستوى الوطني قد انهار من 0.93 قبل األزمة إلى 0.38 في أثنائها )الشكل 9( وي عزى انتشار الشعور بعدم األمان إلى أسباب عديدة منها التفجيرات والقتل والتدمير والنزوح والتهجير اإلجباري إضافة إلى الفقر والممارسات القمعية وعدم توفر الحماية اإلنسانية والفساد وعدم فعالية المؤسسات الرسمية. كما ت ظهر النتائج أن أكثر المحافظات تعرضا لفقدان األمان هي الرقة وحلب والحسكة ودير الزور وإدلب على التوالي. من جهة أخرى تميزت المحافظات التي لم تتعرض إلى الكثير من األعمال القتالية أو التدمير بمعدالت أعلى من الشعور باألمان على الرغم من تراجعه الكبير عما كان عليه قبل األزمة. تشير النتائج إلى أن الشعور باألمان على المستوى الوطني قد انهار من 0.93 قبل األزمة إلى 0.38 في أثنائها الشكل )9(: الشعور باألمان )قبل وأثناء األزمة( أثناء األزمة قبل األزمة 72.6% 80% 70% 60% 50% 26.4% 19.9% 32.2% 25.6% 18.4% 40% 30% 20% 0.2% 1.6% 3.0% 10% 0% دائما غالبا أحيانا نادرا أبدا المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات وقد رصد المسح ازدياد الظواهر السلبية في المجتمع قبل وأثناء األزمة مثل القتل والخطف والسرقة والتهريب واألتاوات واالحتكار من قبل طبقة تجار الحرب التي استغلت ظروف الحصار الداخلية من قبل األطراف المتنازعة )الجدول رقم 3( األمر الذي يفسر إلى حد كبير انهيار مؤشر األمان أثناء األزمة وتشير النتائج إلى معاناة معظم المناطق المدروسة من هذه الظواهر.

44 المركز السوري لبحوث السياسات 44 الجدول رقم )3(: مقارنة مدى انتشار الظواهر االجتماعية السلبية قبل وأثناء األزمة حسب المحافظات )مقياس من 0 إلى 10 حيث 0 يشير إلى محدودية انتشار الظاهرة( قتل خطف سرقة تهريب أتاوات احتكار قبل أثناء قبل أثناء قبل أثناء قبل أثناء قبل أثناء قبل أثناء دمشق حلب ريف دمشق حمص حماة الالذقية إدلب الحسكة دير الزور طرطوس الرقة درعا السويداء القنيطرة سوريا 0.1 المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات إضافة الى ذلك ساهمت عوامل أخرى بشكل كبير في التراجع الحاد في الشعور باألمان مثل ارتفاع العمليات القتالية والقصف الممنهج واالعتقال العشوائي والتدمير الذي طال العديد من المدن إضافة إلى استغالل االطفال واإلتجار بالنساء. دليل الثقة المجتمعية باالعتماد على المؤشرين السابقين )الثقة بين األفراد الشعور باألمان( تم حساب دليل الثقة المجتمعية والذي يعتبر المكون الثاني من دليل رأس المال االجتماعي. وتم بناء المكون بعد تنميط المؤشرين السابقين إلى قيم بين الصفر والواحد إضافة إلى التثقيل بعدد سكان المنطقة المدروسة وذلك عند حسابه على مستوى المحافظة وعلى المستوى الوطني.

45 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 45 تشير النتائج إلى تراجع كبير في مكون الثقة المجتمعية في سوريا خالل األزمة فبالمقارنة مع فترة ما قبل األزمة انخفض هذا الدليل بحوالى 47% ليبلغ مستوى متدن ونتج هذا التدهور في دليل الثقة من انهيار الشعور باألمان بالدرجة األولى والذي شهد انخفاضا على مستوى سوريا بلغ حدود ال 59% ليصل إلى أقل من 0.38 والذي يصنف كمستوى ضعيف. كما تأثر هذا المكون سلبا بانخفاض الثقة بين األفراد بحوالى 31% وي مكن تفسير ذلك باالقتتال المسلح واألوضاع المعيشية الصعبة إضافة إلى حالة االستقطاب الكبيرة في المجتمع نتيجة األزمة )الشكل 10(. الشكل )10(: مكون الثقة المجتمعية ومؤشراته على مستوى سوريا )قبل وأثناء األزمة( قبل األزمة الثقة بين األفراد الشعور باألمان مكون الثقة المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات األزمة وأظهرت النتائج تباين كبير بين المحافظات في مستوى الثقة المجتمعية وخاصة أثناء األزمة مع انتشار الخطاب العصبوي واالستقطاب الحاد الذي عزز االنقسام وعدم الثقة أو الشعور باألمان بين األفراد. ومن أكثر المناطق التي انهارت فيها الثقة بشكل كبير هي مناطق النزاع التي شهدت استقطابا أو قتاال عنيفا وبلغ االنخفاض في مكون الثقة المجتمعية أعاله في محافظة الرقة تليها الحسكة إدلب ودير الزور وحلب )الشكل 11(. وعلى الرغم من أن جميع المحافظات شهدت تدهورا كبيرا في الثقة المجتمعية إال أن أقلها كان في محافظة طرطوس التي لم يتجاوز فيها االنخفاض عتبة ال 18% كذلك األمر في السويداء )ملحق 4(. تشير النتائج إلى تراجع كبير في مكون الثقة المجتمعية في سوريا خالل األزمة فبالمقارنة مع فترة ما قبل األزمة انخفض هذا الدليل بحوالى 47%

46 المركز السوري لبحوث السياسات 46 الشكل )11(: مكون الثقة المجتمعية حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( قبل األزمة األزمة سوريا القنيطرة السويداء درعا الرقة طرطوس دير الزور الحسكة إدلب الالذقية حماة حمص ريف دمشق حلب دمشق المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

47 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 47 الرقة حلب إدلب الحسكه الاذقية حامة دير الزور طرطوس حمص دمشق ريف دمشق مكون الثقة المجتمعية قبل الا زمة السويداء درعا القنيطرة مكون الثقة المجتمعية اثناء الا زمة الرقة حلب إدلب الحسكه الاذقية حامة دير الزور طرطوس السويداء درعا دمشق القنيطرة 100 حمص ريف دمشق Kilometers

48 المركز السوري لبحوث السياسات ثالثا : القيم والتوجهات المشتركة 48 قد يبدو المجتمع متماسكا لعدم وجود قوى تحاول التغيير الجذري في بنية السلطة وتوزيع القوة ولكنه ليس بالضرورة تماسك صحي حيث يستند تماسك المجتمع إلى قوة الترابط بين الجماعات واألفراد واالنسجام باألهداف والرؤى واالتفاق حول المصالح المشتركة العامة. ويدعم الوالء للجماعة بفكرته البدائية الخوف من األعداء واألخطار وقد نما هذا الوالء بشكل طبيعي في كثير من األحوال أو بطريقة مقصودة حتى وصل إلى ما نراه اليوم من تكتالت وتحالفات تسمى األمم. وفي القديم كان الوالء للقبيلة ومنها الوالء للزعيم وفي مرحلة الحقة وبنتيجة الحروب والتنازع على المصالح تحول المجتمع إلى موالين وأتباع لنظام أو لنفوذ دولة ما فكان الموالون في غالبيتهم من يوالون النظام أما األتباع فهم يتبعون له ال بداعي الوالء إنما بداعي الخوف منه أو الخوف على مصالحهم ووجودهم وهكذا حل الخوف بدل التضامن مع الجماعة. ويوجد أنواع أخرى من الوالءات التي تؤدي إلى تماسك المجتمعات بشكل ظاهري مثل الوالء اإلقليمي أو اإلثني أو الديني أو المذهبي ولكنها ال تخرج عن األطر التقليدية المعيقة لتطوير المجتمعات )راسل 2009(. في المجتمعات المعاصرة تطور مفهوم المواطنة الذي يساوي بين األفراد في الحقوق والواجبات في ظل أنظمة تمثيلية ديمقراطية تقوم على المشاركة المجتمعية والشرعية الممنوحة من قبل الشعب وفصل السلطات لضمان عدم تغول السلطة. وتم االتفاق دوليا على شرعة حقوق اإلنسان ومن بعدها على الحقوق االجتماعية واالقتصادية والثقافية كحقوق لجميع البشر وظهرت حركات عابرة للدول للدفاع عنها في كل مكان بما يعزز التضامن والحريات العامة والمصالح المشتركة. غير أن هذا اإلطار المعياري واجهه تطور مواز لقوى تسلط محلية ودولية سياسيا واقتصاديا رسخت االستغالل والهيمنة والتهميش بوسائل جديدة. إن الثقافة السورية المعاصرة هي نتيجة لتفاعل مختلف الحضارات التي ازدهرت عبر التاريخ وتميزها ثالث بيئات أساسية البدوية والريفية والحضرية والتي تتنوع في موروثها الثقافي والقيمي الذي يغني رأس المال االجتماعي من حيث العالقات والقيم والعادات التي تعزز قيم التضامن والتعاون واإليثار بين أفراد المجمع بأشكاله المختلفة. إضافة إلى ذلك يتميز المجتمع السوري بتعدد الهويات واإلنتماءات التي تنعكس على القيم والعادات لكل جماعة. فنجد الجماعات تتنوع أيديولوجيا أو دينيا أو قوميا أو إثنيا أو مناطقيا مما يساهم في اإلتفاق أو عدم اإلتفاق على رؤى مشتركة حسب الجماعة التي ينتمي إليها الفرد أو العقيدة أو األيديولوجية التي يتبناها )بركات 1984(. ونظرا للتعقيد الذي يشوب العالقات بين األفراد والجماعات وتعدد الثقافات والقيم والتوجهات تصبح دراسة رأس المال االجتماعي واختصاره بعدد من المؤشرات مهمة دونها صعوبة بالغة ومخاطر من التحيز والتضليل. وفي هذا السياق ال يحاول البحث تشريح اإلنتماءات أو الثقافات التي يتصف بها المجتمع السوري والتي ازدادت انقساما أثناء األزمة إنما يحاول أن يستنبط درجة توافق األفراد والجماعات في المنطقة المدروسة على رؤى وقيم مشتركة سواء على المستوى المحلي المناطقي أو المستوى الكلي الوطني. ويعكس التناقض بين اإلتفاق أو عدم اإلتفاق على الرؤية المناطقية والرؤية العامة جزئيا درجة انقسام المجتمع أو تماسكه واندماجه. ومن جهة أخرى يعتبر البحث نظرة المجتمع إلى مكانة المرأة فيه كمكون أساسي يفسر ويعكس الكثير من القيم السائدة في المجتمع. يشمل هذا الب عد القيم والمعايير التي تتعلق بدرجة اتفاق معظم األشخاص والمجموعات في المنطقة المدروسة حول الرؤية العامة لمستقبل المنطقة من جهة واإلتفاق على رؤية مستقبل سورية من جهة أخرى إضافة إلى المكانة التي تتمتع بها المرأة في المجتمع.

49 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 49 تشير النتائج إلى تراجع اتفاق السكان على رؤية موحدة لمستقبل منطقتهم من 0.69 قبل األزمة إلى 0.53 في أثناء األزمة االتفاق على رؤية للمنطقة ويقصد بالرؤية على مستوى المنطقة بحسب المسح وجود تصور عن المستقبل المرغوب للمنطقة المدروسة بشكل مكتوب أو بشكل ضمني وكمثال عن الرؤية هل المنطقة متخصصة صناعيا وتتمتع بخدمات تعليم وصحة متاحة للجميع وتكافل اجتماعي بين جميع أفراد هذه المنطقة ويتضمن الشرح أسباب عدم االتفاق على الرؤية المستقبلية أو عدم وجودها. تبين مؤشرات اتفاق أو عدم اتفاق األفراد على مستقبل منطقتهم طبيعة القيم والعادات العامة التي تسود المجتمع ودرجة تماسك واندماج المجتمع حول أهداف مشتركة. كما أن تفضيالت األفراد وتوقعاتهم والتزاماتهم تتكامل مع نظرتهم إلى مستقبل منطقتهم وتساعد على فهم هيكل رأس المال االجتماعي والمقومات الثقافية والمعرفية للمجتمع. وتشير النتائج إلى تراجع اتفاق السكان على رؤية موحدة لمستقبل منطقتهم من 0.69 قبل األزمة إلى 0.53 في أثناء األزمة وشمل التراجع كافة المحافظات عدا دمشق )الشكل 12(. وتدل هذه النتائج على زعزعة االندماج االجتماعي على المستوى المحلي أثناء األزمة األمر الذي ي عزى إلى االستقطاب الحاد إضافة إلى تراجع مستويات المعيشة والصحة والتعليم وغيرها من المؤشرات االقتصادية واالجتماعية. الشكل )12(: االتفاق على رؤية للمنطقة )قبل وأثناء األزمة( أثناء األزمة قبل األزمة 61.4% 70% 60% 27.6% 39.2% 33.9% 50% 40% 30% 16.1% 20% 6.7% 2.0% 8.9% 3.9% 10% 0% دائما غالبا أحيانا نادرا أبدا المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات

50 المركز السوري لبحوث السياسات 50 ويوجد تباين كبير بين المحافظات في درجة اتفاق السكان على مستقبل منطقتهم حيث ازداد مؤشر االتفاق من 0.64 إلى 0.67 في دمشق وتراجع بشكل حاد من 0.73 إلى 0.58 في حلب مما يشير إلى الظروف والتجارب المختلفة التي تميز هاتين المدينتين خالل األزمة حيث تعرضت حلب إلى ظروف قاسية بسبب الحرب مثل الهجمات العسكرية من مختلف األطراف والنهب الممنهج للمناطق التجارية والصناعية والسكن وانقسام المدينة بين القوى المسيطرة والذي ترافق مع الحصار والتدمير وتطرق عدد من األشخاص المفتاحيين في حلب إلى "االختالف الحاد في توجهات األفراد في المنطقة الواحدة نتيجة النزاع واستمرار األزمة". وتدهور اتفاق السكان على رؤية لمستقبل منطقتهم بشكل كبير في الرقة وإدلب ودير الزور والرقة والحسكة أشار العديد من مناطقها "أن األزمة أدت تفاقم التباعد في الرؤى نتيجة االختالف السياسي واإلثني". ولم تكن درجة االتفاق في باقي المناطق جيدة فقد خسرت الكثير من المناطق اإلجماع على رؤية مستقبلية جامعة. وي عزى عدم االتفاق على رؤية لمستقبل المنطقة إلى عدد من العوامل تتضمن الفوضى وعدم اإلتفاق على اآلراء السياسية وغياب المجالس المنتخبة للتعبير عن الرأي واالستقطاب في بعض المجتمعات وسيطرة قوى التسلط على المناطق إضافة إلى عدم اإلتفاق على الحلول المطلوبة إلنهاء األزمة. من جهة أخرى تركزت نقاط اإلتفاق بين أبناء المنطقة على تحسين البنية التحتية والمعيشية والخدمات ودعم القطاع الزراعي والصناعي وعودة األمان واالتفاق على ضرورة إنهاء األزمة وأشار إلى ذلك مثال أشخاص مفتاحيين في بعض مناطق إدلب على "وجود اتفاق بين أفراد المجتمع على تطوير مناطقهم". االتفاق على رؤية على المستوى الوطني ويقصد بالرؤية على المستوى الوطني وجود تصور عن المستقبل المرغوب لسوريا بشكل مكتوب أو بشكل اتفاق ضمني وكمثال عن الرؤية ما يسعى إليه أفراد المنطقة بشكل عام ألن تكون عليه سوريا في المستقبل من حيث مكانتها اإلقليمية المشاركة السياسية االنسجام والتكافل االجتماعي الرفاه والتنمية ويتضمن الشرح أسباب عدم االتفاق على الرؤية المستقبلية. وتعكس نتائج هذا المؤشر حجم التشظي الذي وصلت إليه البالد إذ تراجع من 0.74 قبل األزمة إلى 0.58 في أثنائها وتمظهرت بصور متناقضة من شكل الدولة وطبيعة الحكم وجغرافيتها وصوال إلى دور الدولة وعالقاتها الدولية )الشكل 13( فقد أدى النزاع المسلح إلى ظهور أشكال مختلفة من القوى المتمترسة خلف السالح والتي أججت العصبيات والكراهية وتباينت الطروحات المستقبلية لمعظم هذه القوى من حكم الخالفة إلى الحكم المستبد لكنها اتفقت على إقصاء المجتمع ورفض الديمقراطية حيث ظلت القوى المدنية التي تسعى إلى العدالة والحرية وتكافؤ الفرص واالنفتاح الفكري والثقافي هي الطرف األضعف وقد لعبت القوى اإلقليمية والدولية في الترويج ألنماط مختلفة لسوريا المستقبل مما انعكس على المجتمع السوري شرذمة وتفككا. وتبين النتائج التفاوت الكبير بين المحافظات وتعمق هذا التباين بشكل واضح أثناء األزمة حيث ارتفع االتفاق في مدينة دمشق من 0.70 إلى 0.76 أثناء األزمة متأثرا بمنعكسات األزمة التي "وحدت رؤية أبناء المنطقة في وطن مستقر وآمن" كما ورد من أحد أحياء دمشق وبالمقابل تراجع في كافة المحافظات خاصة إدلب والحسكة ودير الزور والرقة وريف دمشق وهي مناطق عانت من الوالءات المختلفة وتعرضت " لالستقطاب الحاد نتيجة االختالف في وجهات النظر السياسية" كما تم اإلشارة في بعض مناطق الحسكة إضافة إلى كثافة العمليات القتالية. لقد خضعت المناطق السورية المختلفة إلى نظم سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة وتعرضت القيم المشتركة من قبل قوى التسلط إلى التخريب المباشر القسري وغير المباشر عبر الترويج لثقافات تسهم في التفكك والتخارج مع اآلخر وقبول الخضوع

51 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 51 الشكل )13(: االتفاق على رؤية لسوريا )قبل وأثناء األزمة( أثناء األزمة قبل األزمة 70% 58.4% 60% 50% 4.3% 2.1% 16.4% 20.2% 30.7% 37.3% 19.2% 11.2% 40% 30% 20% 10% 0% دائما غالبا أحيانا نادرا أبدا المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات لقد خضعت المناطق السورية المختلفة إلى نظم سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة وتعرضت القيم المشتركة من قبل قوى التسلط إلى التخريب المباشر القسري وغير المباشر عبر الترويج لثقافات تسهم في التفكك والتخارج مع اآلخر وقبول الخضوع. وتحتاج مواجهة هذه االختالالت إلى جهود استثنائية لعودة الحوار المجتمعي في بيئة تحترم حياة وشخصية اإلنسان حتى يتمكن المجتمع من معرفة كيفية تجاوز اآلثار المدمرة التي واجهها وكيفية العودة للتفكير بمستقبل أفضل. مكانة المرأة في المجتمع إن احترام وتقدير المرأة يعكس العديد من القيم المجتمعية التي تشير إلى االحترام المتبادل وتقدير واحترام شخصية اإلنسان ورفض التسلط واالستبداد االجتماعي ورفض القيم التميزية واإلقصائية لذلك تم تبني هذا المؤشر كأحد مكونات دليل القيم والتوجهات المشتركة. وعلى الرغم من التحسن النسبي لمستويات التعليم والصحة والظروف المعيشية للنساء في سوريا قبل األزمة إال أن المؤسسات والشبكات والقيم بغالبها حملت طابعا ذكوريا مسيطرا وكان المجتمع السوري يعيش هذا التناقض بين تعزيز مكانة المرأة واالتجاه الذي يريد إقصاءها وتهميش دورها. وكان لضيق الفضاء والحريات العامة دورا رئيسيا في التطور البطيء وأحيانا التراجع في دور المرأة مثل تراجع مشاركتها في النشاط االقتصادي بين عامي 2001 و وأظهرت نتائج المسح التأثير السلبي لألزمة على مكانة المرأة إذ تراجع مؤشر مكانة

52 المركز السوري لبحوث السياسات 52 المرأة من 0.81 قبل األزمة إلى 0.68 في أثنائها )الشكل 14(. وقد تعرضت المرأة خالل األزمة لحاالت االعتقال والخطف واالغتصاب والعمل في ظروف قاسية وتحمل المسؤولية االقتصادية وخاصة بالنسبة للعائالت النازحة أو لألرامل إضافة إلى ذلك عانت المرأة من حاالت زواج القصر والزواج العرفي واالتجار بالنساء وأشكال مختلفة من االستغالل نتيجة "تردي الوضع األخالقي وتدهور األمن" كما تم التعبير عن ذلك في بعض أحياء حلب إضافة إلى "تعزيز األزمة لذكورية المجتمع" كما ذكرها أحد األشخاص المفتاحيين في إدلب. كما تم التركيز على صورة المرأة الضحية خالل الحرب بدال من دورها كفاعل في المجتمع خالل الحرب وبعدها. وتشير النتائج على مستوى المحافظات أن الرقة من أكثر المناطق التي تدهورت فيها مكانة المرأة تليها كل من حمص ودير الزور وإدلب بالمقابل فإن أفضل تقييم لوضع المرأة كان في طرطوس. الشكل )14(: مكانة المرأة في المجتمع )قبل وأثناء األزمة( تعرضت المرأة خالل األزمة لحاالت االعتقال والخطف واالغتصاب والعمل في ظروف قاسية وتحمل المسؤولية االقتصادية وخاصة بالنسبة للعائالت النازحة أو لألرامل إضافة إلى ذلك عانت المرأة من حاالت زواج القصر والزواج العرفي واالتجار بالنساء 64.8% 70% 60% 33.0% 40.5% 47.9% 50% 40% 30% 11.6% 20% أثناء األزمة قبل األزمة 20.2% جيدة وسط سيئة 10% 0% المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات دليل القيم والتوجهات المشتركة باالعتماد على المؤشرات السابقة )االتفاق على رؤية المنطقة االتفاق على رؤية سوريا مكانة المرأة( تم حساب دليل القيم والتوجهات المشتركة الذي يعتبر المكون الثالث من دليل رأس المال االجتماعي. تم بناء المكون بعد تنميط المؤشرات السابقة إلى قيم بين الصفر والواحد إضافة إلى التثقيل بعدد سكان المنطقة المدروسة وذلك عند حسابه على مستوى المحافظة وعلى المستوى الوطني.

53 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 53 الشكل رقم 15: المساهمة النسبية في تراجع دليل القيم والتوجهات المشتركة رؤية المنطقة 36% مكانة المرأة 29% رؤية سوريا 35% المصدر: مسح السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات بينت النتائج تراجعا ملحوظا في مكون القيم والتوجهات في سوريا أثناء األزمة إذ بلغ معدل انخفاض هذا المكون حوالي 20% بينت النتائج تراجعا ملحوظا في مكون القيم والتوجهات في سوريا أثناء األزمة إذ بلغ معدل انخفاض هذا المكون حوالي 20% ويصل إلى مستوى 0.6 مقارنة مع 0.75 لفترة ما قبل األزمة )الشكل 16(. ونتج هذا االنخفاض من تراجع واضح في مؤشري اإلتفاق على مستقبل المنطقة واإلتفاق على مستقبل سوريا للذين أسهما في التراجع ب 36% و 35% على التوالي بينما ساهم تراجع مكانة المرأة ب 29% من تراجع دليل القيم )الشكل 15(. ويعكس ذلك زيادة حدة الخالفات بين أفراد المجتمع حول رؤية مناطقهم وبلدهم وذلك نتيجة استمرار األزمة والنزاع المسلح وتعدد قوى التسلط والتيارات الفكرية واأليديولوجية. كما تظهر النتائج تراجع مكانة المرأة في أثناء األزمة األمر الذي يدل على ما تتعرض له النساء من استغالل وقمع وظروف معيشية قاسية.

54 المركز السوري لبحوث السياسات 54 بينت النتائج تراجعا ملحوظا في مكون القيم والتوجهات في سوريا أثناء األزمة إذ بلغ معدل انخفاض هذا المكون حوالي 20% ويصل إلى مستوى 0.6 مقارنة مع 0.75 لفترة ما قبل األزمة الشكل )16(: مكون القيم والتوجهات المشتركة ومؤشراته على مستوى سوريا )قبل وأثناء األزمة( األزمة 0.10 قبل األزمة 0.00 مكانة المرأة رؤية سوريا رؤية المنطقة القيم المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات وتشير النتائج إلى زيادة كبيرة في التباين النسبي بين المحافظات السورية أثناء األزمة فيما يتعلق بالقيم والتوجهات المشتركة إذ تختلف درجة تأثير االستقطاب بين المناطق وداخلها على رؤية أفراد المجتمع للمنطقة وللبالد كما تفرض مؤسسات قوى التسلط المختلفة قيودا متفاوتة على المرأة مما يغير من مكانتها في المجتمع. وشهدت الرقة أعلى نسبة انخفاض في مكون القيم والتوجهات المشتركة مقارنة مع باقي المحافظات ليبلغ 66% ويصل إلى مستوى متدن ال يتجاوز 0.28 كذلك شهدت محافظة الحسكة انخفاضا في هذا المكون بلغ حوالى 40% متأثرا بشكل أساسي باختالف الرؤى وبدرجة أقل بمكانة المرأة )شكل 17(. وبالمقابل شهدت محافظات طرطوس والسويداء والالذقية انخفاضا أقل حدة في هذا المكون )ملحق 5(.

55 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 55 الشكل )17(: مكون القيم والتوجهات المشتركة حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( قبل األزمة األزمة سوريا القنيطرة السويداء درعا الرقة طرطوس دير الزور الحسكة إدلب الالذقية حماة حمص ريف دمشق حلب 0.69 دمشق المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

56 المركز السوري لبحوث السياسات 56 الرقة حلب إدلب الحسكه الاذقية حامة دير الزور طرطوس حمص دمشق ريف دمشق مكون القيم والتوجهات المشتركة قبل الا زمة السويداء درعا القنيطرة مكون القيم والتوجهات المشتركة اثناء الا زمة الرقة حلب إدلب الحسكه الاذقية حامة دير الزور طرطوس السويداء درعا دمشق القنيطرة 100 حمص ريف دمشق Kilometers

57 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 57 رابعا : دليل رأس المال االجتماعي يتألف دليل رأس المال االجتماعي في سوريا من ثالثة مكونات وتسعة مؤشرات أربعة مؤشرات منها لمكون الشبكات والمشاركة المجتمعية ومؤشران لمكون الثقة وثالثة لمكون القيم والتوجهات المشتركة. ي حسب الدليل على المستوى الوطني كما على أي مستوى جغرافي بما في ذلك المحافظات والنواحي والمناطق المدروسة. تشير النتائج إلى تراجع دليل رأس المال االجتماعي في سوريا حوالى 30% أثناء األزمة مقارنة بما قبلها إذ بلغ 0.74 قبل األزمة و 0.52 في أثنائها كما تراجعت مكونات الدليل الثالثة ولكن بدرجات مختلفة فقد انخفض كل من مكون الشبكات والمشاركة المجتمعية ومكون القيم والتوجهات المشتركة بحوالى 20% ولكن تراجع مكون الثقة المجتمعية بحوالى 47% وهو التراجع األكبر بين مكونات رأس المال االجتماعي مما يعكس حالة عدم الثقة بين أفراد المجتمع في المناطق المدروسة من جهة وتراجع الشعور باألمان نتيجة ازدياد العنف والقتل والجريمة والخطف واالعتقال وانتشار ثقافة الكراهية ورفض اآلخر وغيرها من الظواهر السلبية في المجتمع المرتبطة بالعنف المسلح )الشكالن 19(. 18 تشير النتائج إلى تراجع دليل رأس المال االجتماعي في سوريا حوالى 30% الشكل رقم )18(: المساهمة النسبية في تراجع دليل رأس المال االجتماعي حسب )أ( المكونات الرئيسية و)ب( المؤشرات الفرعية )أ( )ب( دليل الثقة 58% دليل القيم 22% مشاركة المرأة 7% مكانة المرأة 7% رؤية سورية 8% المشاركة 6% التطوع 3% التعاون 4% األمان 41% دليل الشبكات 20% الثقة بين األفراد 17% رؤية المنطقة 8% المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

58 المركز السوري لبحوث السياسات 58 من المهم األخذ بعين االعتبار أن المسح قد أ نجز في فترة األزمة األمر الذي يدعو الكثير من المبحوثين للمقارنة بين الفترتين المدروستين قبل وأثناء األزمة على كافة المستويات مما قد ينعكس على مؤشرات رأس المال االجتماعي خاصة فيما يتعلق بمفهومي الشعور باألمان والثقة بين األفراد اللذين تأثرا بشكل حاد نتيجة للظروف األمنية والقتالية مما قد يشكل حيزا من المبالغة بإيجابيات الماضي. كما أن المكونات والمؤشرات الفرعية غير مستقلة كليا عن بعضها مما قد يؤثر في التقدير لدور كل من المؤشرات في تراجع الدليل الكلي. على مستوى المحافظات يظهر الشكل رقم )20( تقاربا نسبيا بين المحافظات بوجه عام في دليل رأس المال االجتماعي قبل األزمة. لكن تفاوتا كبيرا في الدليل بين المناطق قد حصل بعد األزمة نظرا الختالف الظروف االقتصادية والسياسية والحالة األمنية والعسكرية والقتالية والتفاوت الحاد في مستويات المعيشة والبنى االجتماعية المنهارة أو المركبة بعد عمليات النزوح والهجرة في مختلف المحافظات والمناطق السورية. يالحظ أن أكثر المحافظات التي تراجع فيها دليل رأس المال االجتماعي هي المحافظات التي تضررت بشكل واسع من الحرب واألعمال القتالية واالستقطاب وبلغ االنخفاض أقصاه في الرقة )80%( تليها الحسكة )52%( وإدلب )47%( بينما بلغ هذا التراجع أدناه في طرطوس بحدود 5% وفي دمشق بأقل من 10% )ملحق 2( إذ تتميز هذه المناطق بتعرضها لمستويات أقل من الدمار نتيجة النزاع كما تجدر اإلشارة إلى أن هذه المناطق كانت وجهة للنازحين من مختلف المناطق السورية وتتفاوت طبيعة العالقات والشبكات فيها بين المدنية والروابط والعالقات التقليدية. أكثر المحافظات التي تراجع فيها دليل رأس المال االجتماعي هي المحافظات التي تضررت بشكل واسع من الحرب واألعمال القتالية واالستقطاب الشكل )19(: دليل رأس المال االجتماعي ومكوناته على مستوى سوريا )قبل وأثناء األزمة( األزمة 0.10 قبل األزمة 0.00 القيم الثقة الشبكات دليل رأس المال االجتماعي المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

59 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 59 الشكل )20(: دليل رأس المال االجتماعي حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( قبل األزمة األزمة سوريا القنيطرة السويداء درعا الرقة طرطوس دير الزور الحسكة إدلب الالذقية حماة حمص ريف دمشق حلب دمشق المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

60 المركز السوري لبحوث السياسات 60 ﺣﻠﺐ اﻟﺮﻗﺔ إدﻟﺐ اﻟﺤﺴﻜﻪ اﻻذﻗﻴﺔ ﺣامة دﻳﺮ اﻟﺰور ﻃﺮﻃﻮس دﻣﺸﻖ ﺣﻤﺺ رﻳﻒ دﻣﺸﻖ درﻋﺎ اﻟﺴﻮﻳﺪاء دﻟﻴﻞ رأس اﳌﺎل اﻻﺟﺘامﻋﻲ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ اﻟﻘﻨﻴﻄﺮة دﻟﻴﻞ رأس اﳌﺎل اﻻﺟﺘامﻋﻲ اﺛﻨﺎء اﻷزﻣﺔ ﺣﻠﺐ اﻟﺮﻗﺔ إدﻟﺐ اﻟﺤﺴﻜﻪ اﻻذﻗﻴﺔ ﺣامة دﻳﺮ اﻟﺰور ﻃﺮﻃﻮس دﻣﺸﻖ ﺣﻤﺺ 100 Kilometers رﻳﻒ دﻣﺸﻖ اﻟﺴﻮﻳﺪاء درﻋﺎ اﻟﻘﻨﻴﻄﺮة

61 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 61 الفصل الثالث: محددات رأس المال االجتماعي في سوريا )دراسة قياسية( FLICKR/Xinhua/Pan Chaoyue

62 المركز السوري لبحوث السياسات 62 يطرح مفهوم رأس المال االجتماعي في األدبيات عددا من األسئلة حول عالقة رأس المال االجتماعي بالعديد من المؤشرات االجتماعية واالقتصادية والمؤسساتية كالصحة والتعليم والفقر والعدالة االجتماعية وتراجع الثقة بالمؤسسات الحكومية والقضاء وعالقته بالمتغيرات الديمغرافية كالهجرة الداخلية أو الخارجية. إضافة إلى عالقة البعد االجتماعي بالخصائص الفردية لألفراد كالجنس والعمر والحالة التعليمية والمكانة االجتماعية وعالقته بالبعد الثقافي والمعرفي للمجتمع ودور الدين والقومية والقوى المسيطرة على رأس المال االجتماعي من حيث تأثره وتأثيره عليها. تشير العديد من األدبيات إلى أن رأس المال االجتماعي يتأثر بعدد من العوامل على مستوى الخصائص النفسية واالقتصادية واالجتماعية لألفراد وعلى المستوى الكلي للمجتمع )بارتس 2013(. وتختلف العوامل الفردية التي تشكل حافزا لألفراد لإلستثمار في رأس المال االجتماعي كالدخل والتعليم والجنس والحالة االجتماعية وعدد األطفال والتجارب والقيم الشخصية )كريستوفورو 2005 هالمان ولويجيكس 2006( أما العوامل الكلية التي تؤثر في رأس المال االجتماعي حسب الدراسات فتتكون بشكل أساسي من مستوى التنمية ونوعية وعدالة المؤسسات الرسمية وتوزيع الموارد واالستقطاب االجتماعي وأنماط التعاون والثقة بين أفراد المجتمع. على المستوى الفردي وجدت العديد من الدراسات أن مستويات عالية من الدخل والتعليم تترافق مع احتمال كبير لعضوية األفراد في جماعات مختلفة وارتفاع الثقة المتبادلة بين األفراد )كناك وكيفر 1997 ديني 2003 هيليويل وبوتنام 1999 وبالدام 2000(. وي نظر إلى التعليم كعامل يساهم في تطوير فرص العمل الجماعي سواء من خالل توفير منفذ للشبكات االجتماعية والمعارف الشخصية أو من خالل القيم واألخالق المتراكمة والوعي االجتماعي التي تقود إلى تعزيز حس المواطنة والتماسك المجتمعي والتعاون بين أفراد المجتمع الواحد. من جهة أخرى وجدت بعض الدراسات أن للتعليم أثر سلبي على العمل الطوعي من منظور تكلفة الفرصة البديلة للوقت )بارتس 2013(. على المستوى الكلي تشير الدراسات إلى وجود عالقة موجبة بين مكونات رأس المال االجتماعي كالعضوية )كريستوفورو 2005( والثقة والعمل األهلي )كناك وكيفر 1997(. كما وجد كوستا ووكان )2001( دليال على أثر عدم العدالة في توزيع الدخل في رأس المال االجتماعي بعد ضبط عدد من العوامل كالتشتت المجتمعي. وأيضا وجد كريستوفورو )2005( أن انخفاض مستوى عدالة التوزيع يؤثر سلبا على مؤشر العضوية في الجماعات وتؤدي الى تراجع الثقة والميل إلى االنعزال. وأشارت بعض األبحاث إلى أن البطالة تؤثر سلبا على الثقة المتبادلة وعلى رغبة الفرد في أن يكون عضوا في جماعة. )بريم وران 1997 كريستوفورو 2005(. كما وجدت الدراسات أن الدين يمكن أن يزيد الشبكات غير الرسمية والعادات االجتماعية والثقة بين الجماعة الدينية ولكنه يؤثر على الثقة العامة نتيجة التعصب )بوتنام 1993 ال برتا وآخرون 1996( وبشكل مشابه تلعب األيديولوجيا دورا مماثال لدور الدين )كناك وكيفر 1997 وايتيلي 1999(. بالمقابل فإن التغيير المؤسساتي نحو التضمين والديمقراطية

63 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 63 ي عزز عملية إنتاج رأس المال االجتماعي إلى درجة معينة ولكن في الديمقراطيات الحديثة األمر يحتاج وقتا )مزتال 1996 فان ديث 2003(. يرتبط رأس المال االجتماعي بعدد من العوامل مثل التعليم والصحة )سميث 1997 ( الثقة بالمؤسسات السياسية )بريم و ران 1997( مستوى الرضا بأداء الحكومة والمشاركة السياسية )بوتنام 1993( وشبكات العمل )هيتسلست وغابسون 2007( والتعاون والدعم المتبادل )غروتيرت وباستلير 2002(. إضافة إلى دور تكنولوجيا المعلومات وعالقة المجتمعات المتجانسة في تعزيز العالقات لرأس المال الرابط )bonding( والواصل )linking( أو التجسيري )bridging( على المستوى االجتماعي والمؤسساتي )لين 2001 كوستا وكان 2003(. كما تعرضت العديد من األدبيات للعالقة بين رأس المال االجتماعي والعنف المسلح حيث تشير دراسة لغواتيماال أن رأس المال االجتماعي الهيكلي )الشبكات االجتماعية والمجتمع المدني( تزيد من تعرض أفرادها لمخاطر العنف من قبل قوى النزاع بينما يحمي رأس المال االجتماعي اإلدراكي )الثقة والقيم والمعايير( من التعرض للعنف )دينسن وآخرون 2013(. وتبين دراسة لساحل العاج أن العنف أضر برأس المال االجتماعي بشكل كبير مقاسا بالثقة والمشاركة المجتمعية )كيهو 2009(. وفي دراسة عن األثر الطويل األمد للعنف في رأس المال االجتماعي في البيرو تشير دراسة إلى أن التعرض للعنف في الطفولة يؤدي في المدى الطويل وبعد انتهاء النزاع إلى تراجع الثقة بالمؤسسات الرسمية بينما ال يؤثر على الثقة بالمؤسسات غير الحكومية كما أن العنف يقلل السلوك التعاوني ورأس المال االجتماعي )ماالسكويز 2016(. وفي كولومبيا أدى العنف إلى تراجع المشاركة في األنشطة المجتمعية والقتل المتعمد أثر سلبا أكثر من الهجمات االرهابية حيث يلجأ أعضاء المجتمع إلى عدم البروز أو المشاركة حتى ال يتعرضوا لالغتيال )روبيو 2014(. إن العنف قد يؤدي إلى زيادة رأس المال االجتماعي الرابط )المبني على الروابط المناطقية أو اإلثنية أو القبلية( مقابل تراجع في رأس المال االجتماعي المبني على العالقات األفقية )الواصل والتجسيري( مما يعد وصفة إلعادة تفجر العنف مجددا )أغاجاجيان 2012(. ولتحليل عالقة العنف برأس المال االجتماعي في سوريا سيتم فيما يلي دراسة محددات رأس المال االجتماعي بمكوناته المختلفة بنموذج قياسي.

64 المركز السوري لبحوث السياسات أوال : المنهجية والنموذج الرياضي 64 ينفرد هذا القسم بالبحث في محددات رأس المال االجتماعي وعالقته بالمتغيرات االجتماعية واالقتصادية والمؤسساتية وأثر األزمة السورية عليه. بناء على ذلك تم تطوير نموذج انحدار مقطعي )طريقة المربعات الصغرى( والمثقل بعدد السكان واستخدام الدليل الكلي لرأس المال االجتماعي كمتغير تابع وإضافة مجموعة من المتغيرات الرئيسية المستقلة. ويعكس هذا االختبار العالقة بين رأس المال االجتماعي والمتغيرات وال يشير بالضرورة إلى العالقة السببية بينها. اعتمد البحث على البيانات التي قدمها مسح السكان )2014( أثناء األزمة كما تم اختبار النموذج للتحقق من ثبات النموذج ومعنوية النتائج. في النموذج الرياضي تم اعتماد دليل رأس المال االجتماعي SCI كمتغير تابع وعدد من المتغيرات المستقلة بناء على األدبيات وتقديرات فريق البحث بما يتفق مع حالة النزاع في سوريا حيث ال نموذج نظري ناجز لمحددات رأس المال االجتماعي. وقد تم اختيار المتغيرات المستقلة التالية: - H متغير الحصول على الخدمات الصحية للداللة عن الحالة الصحية. - E متغير االلتحاق بالتعليم للداللة عن الحالة التعليمية. - U متغير خسارة فرص العمل للداللة عن الحالة االقتصادية. - VE المنخرطين في األعمال المرتبطة بالعنف للداللة عن العالقة مع اقتصاديات العنف. - Ins تعامل المؤسسات بشكل متساو مع األفراد للداللة عن العالقة مع المؤسسات. - Death معدل الوفيات المرتبط باألزمة للداللة على مستويات العنف. - Idp نسبة النازحين إلى السكان للداللة عن الحالة الديمغرافية. - Moh أخيرا تم ضبط التباين بين المحافظات والذي ال تقيسه المتغيرات أعاله كالفروقات الثقافية. SCI i = c+h i +E i +U i + VE i + Ins i + Death i + Idp i + Moh i + ε i... )1( وقد تم تنفيذ النموذج بنفس المتغيرات المستقلة على كل من المكونات الثالثة لرأس المال االجتماعي أي تم اختبار: محددات مكون المشاركة والشبكات NI NI i = c+h i +E i +U i + VE i + Ins i + Death i + Idp i + Moh i + μ i... (2) ومحددات مكون الثقة Trust Trust i = c+h i +E i +U i + VE i + Ins i + Death i + Idp i + Moh i + γ i... (3) ومحددات مكون القيم واالتجاهات Value Value i = c+h i +E i +U i + VE i + Ins i + Death i + Idp i + Moh i + σ i... (4) والغرض من اختيار المتغيرات هو محاولة تشخيص العالقة بين المتغيرات التنموية المختلفة وبين رأس المال االجتماعي فالنزاع ال يرتبط فقط بالعنف السافر والقتل بل يصنع بطريقة ديناميكية "نظاما " سياسيا واجتماعيا واقتصاديا مختلفا وتتغير طبيعة التأثير المتبادل بين العوامل المختلفة. فمثال شكل النزاع تدريجيا اقتصاديات جديدة تختلف جذريا عن اقتصاديات ما قبل األزمة األمر الذي أثر على سلوكيات واتجاهات األفراد وغير احتياجاتهم وأولوياتهم.

65 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 65 ثانيا : تحليل النتائج وبعد اختبار النموذج بصيغه األربعة تم الوصول إلى النتائج التالية )جدول 4(: الحالة الصحية: يرتبط دليل رأس المال االجتماعي بعالقة موجبة ومعنوية إحصائيا بالحالة الصحية )الحصول على الخدمات الصحية( التي تعكس الواقع الصحي في المنطقة أي يرتبط ازدياد رأس المال االجتماعي مع تحسن الحصول على الخدمات الصحية وبالتالي أث ر حرمان المناطق من الخدمات الصحية سلبا على رأس المال االجتماعي. ويتضح أن هذه العالقة موجبة لكافة المكونات لكنها معنوية بشكل قوي كمحدد لمكون القيم واالتجاهات. الحالة التعليمية: يرتبط رأس المال االجتماعي بعالقة موجبة ومعنوية إحصائيا بالحالة التعليمية )االلتحاق بالتعليم( أي يترافق ارتفاع رأس المال االجتماعي مع ارتفاع معدالت االلتحاق وكلما كانت المنطقة محرومة تعليميا ترافق ذلك بمستويات أقل لرأس المال االجتماعي وفي تحليل محددات المكونات نالحظ أن العالقة معنوية فقط في مكون القيم واالتجاهات. الحالة االقتصادية: يرتبط رأس المال االجتماعي بعالقة سالبة ومعنوية إحصائيا بمؤشر خسارة فرص العمل أي أن ارتفاع أعداد من فقدوا أعمالهم تؤثر سلبا وبشكل معنوي على رأس المال االجتماعي. ويالحظ أن العالقة أقوى في مكوني الثقة والقيم أما العالقة مع مكون الشبكات فهي األضعف. اقتصاديات العنف: تظهر نتائج االنحدار أن زيادة نسبة المنخرطين في األعمال غير الشرعية تترافق مع انخفاض معنوي في رأس المال االجتماعي. وتشمل النتائج المكونات الثالثة لرأس المال االجتماعي لكنها أكثر معنوية في مكون الشبكات ومكون القيم واالتجاهات منها في مكون الثقة. عالقة قوية وسالبة بين رأس المال االجتماعي وارتفاع أعداد الوفيات المباشرة وغير المباشرة نتيجة األزمة. وعالقة العنف بمكوني الشبكات والثقة معنوية وسالبة وأقوى من العالقة بمكون القيم واالتجاهات المشتركة الحالة المؤسساتية: يرتبط رأس المال االجتماعي بعالقة موجبة ومعنوية إحصائيا مع تعامل المؤسسات بشكل متساو مع جميع أفراد المجتمع أي أن التحسن في البيئة المؤسساتية يرتبط إيجابا برأس المال االجتماعي. ويتضح االرتباط األقوى معنويا مع مكون الشبكات مقارنة بمكون القيم ومكون الثقة على التوالي. الحالة الديمغرافية )النازحون(: يرتبط رأس المال االجتماعي أثناء األزمة بعالقة سالبة ومعنوية إحصائيا مع الزيادة في نسبة النازحين إلى السكان داخل المنطقة. والعالقة غير معنوية مع مكون الثقة أي إن ازدياد النازحين نسبة للسكان ال يرتبط بتراجع األمان والثقة بين األفراد لكنه يرتبط سلبا بمكوني الشبكات والقيم واالتجاهات المشتركة. العنف )الوفيات(: أظهرت نتائج االنحدار عالقة قوية وسالبة بين رأس المال االجتماعي وارتفاع أعداد الوفيات المباشرة وغير المباشرة نتيجة األزمة. وعالقة العنف بمكوني الشبكات والثقة معنوية وسالبة وأقوى من العالقة بمكون القيم واالتجاهات المشتركة. المحافظات: إضافة إلى المتغيرات أعاله تشير النتائج إلى أن دليل رأس المال االجتماعي يقل بشكل معنوي في إدلب والحسكة ودير الزور والرقة مقارنة بدمشق مما يوضح وجود عوامل إضافية في هذه المحافظات ال تشرحها المتغيرات أعاله مثل العوامل الثقافية أو التنوع اإلثني والقومي أو الحالة التنموية قبل األزمة. يرتبط رأس المال االجتماعي بعالقة موجبة ومعنوية إحصائيا مع تعامل المؤسسات بشكل متساو مع جميع أفراد المجتمع

66 المركز السوري لبحوث السياسات 66 وتظهر النتائج األثر السلبي والمعنوي إحصائيا للعنف المباشر متمثال في النزوح واالنخراط في العمل العنفي وأداء المؤسسات التمييزي بين المواطنين على رأس المال االجتماعي الواصل والتجسيري وتظهر النتائج األثر السلبي والمعنوي إحصائيا للعنف المباشر متمثال في النزوح واالنخراط في العمل العنفي وأداء المؤسسات التمييزي بين المواطنين على رأس المال االجتماعي الواصل والتجسيري المبني على العالقات العابرة للروابط التقليدية والمتمثلة في مكون الشبكات وهو المكون الحاسم في بناء عالقات مدينية تسهم في االنسجام االجتماعي وتجاوز العنف وحل الخالفات بطرق سلمية بينما ال ترتبط العوامل التنموية المتعلقة بالصحة والتعليم والعمل بذات األهمية في هذا المكون. وبناء عليه فإن تفكيك بنى العنف ومؤسساته هو عامل حاسم في إعادة تكون رأس المال االجتماعي المبني على العالقات وكلما طالت فترات التعرض للعنف كلما تعززت فرص تآكل االنسجام االجتماعي. وتشير النتائج أيضا أن المؤشرات التنموية كالصحة والتعليم والعمل ترتبط بقوة مع مكون القيم واالتجاهات المشتركة أي أن المؤشرات غير المرتبطة بشكل مباشر مع العنف تؤثر في الجانب اإلدراكي المتعلق بالرؤية المشتركة للمجتمع المحلي والوطن وتشكل عوامل هامة في بناء العقد االجتماعي المستقبلي لذلك تبرز في هذا الجانب أهمية االستثمار في التنمية التضمينية كأحد المسارات الرئيسية للتحضير لبيئة محفزة للتقارب المجتمعي. فاالنتقال من التعليم المتشظي إلى تعليم تضميني يحمل قيم تضامنية يلعب دورا هاما في إعادة التقارب بين الفئات المستقطبة ويمهد لترميم جانب هام من رأس المال االجتماعي. كما يؤثر تراجع الصحة والتعليم والعمل بشكل واضح في مكانة المرأة في المجتمع ومشاركتها المجتمعية إضافة إلى أثر االنخراط في األعمال المرتبطة بالعنف والمؤسسات التميزية والنزوح. ويتضح من ذلك أهمية قراءة اآلثار غير المباشرة للعنف على العوامل التنموية التي تلعب دورا هاما في إقصاء واستغالل النساء. ويشكل كل من االنخراط في العمل المرتبط بالعنف والوفيات الناجمة عن النزاع العوامل الرئيسية المرتبطة باألمان بينما تتأثر الثقة بين األفراد إضافة إلى االنخراط في العمل المرتبط بالعنف بكل من المؤسسات التمييزية والنزوح وفقدان فرص العمل وال تتأثر معنويا بالوفيات. ويشير ذلك إلى تراكم رأس مال مبني على الروابط حيث تزداد الثقة بين أفراد المجتمعات الضيقة والمرتبطة بالعالقات العائلية والدينية والمناطقية مع ازدياد خسارتها لألرواح كتعبير عن التضامن ضد اآلخر األمر الذي ي ضعف رأس المال االجتماعي الواصل والتجسيري ويظهر ذلك من العالقة السلبية بين مؤشري النزوح والثقة بين أفراد المنطقة المدروسة. تراكم رأس مال مبني على الروابط حيث تزداد الثقة بين أفراد المجتمعات الضيقة والمرتبطة بالعالقات العائلية والدينية والمناطقية مع ازدياد خسارتها لألرواح كتعبير عن التضامن ضد اآلخر األمر الذي ي ضعف رأس المال االجتماعي الواصل والتجسيري

67 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 67 جدول )4(: محددات رأس المال االجتماعي أثناء األزمة الحصول على الخدمات الصحية )الفئة المرجعية»سيئ«( دليل رأس المال االجتماعي )1( المعامل المعامل الممعير مكون الشبكات )2( المعامل المعامل الممعير مكون الثقة )3( المعامل المعامل الممعير مكون القيم )4( المعامل المعامل الممعير ***0.065 *0.039 ***0.002 *** *** *** *** *** *** *** **0.059 ***0.083 ***0.113 *** * ** ** *** * *** *** * ** *** * *** ** ** *** ** * * *** *** *** ***0.050 **0.039 ***0.001 وسط جيد االلتحاق بالتعليم نسبة من فقد عمله )الفئة المرجعية»اليوجد«( *** *** ** *** منخفضة متوسطة مرتفعة مرتفعة جدا نسبة المنخرطين بعمل غير قانوني )الفئة المرجعية»ال يوجد«( *** *** *** ضعيفة متوسطة كبيرة نادرا تتعامل المؤسسات بشكل متساوي دون تمييز مع جميع أفراد المجتمع )الفئة المرجعية»أبدا «( **0.064 ***0.140 *** ** ** *** *** *** ***0.102 *** ** *** ***0.096 ***0.129 ***0.194 ***0.202 *** ** **0.073 ** *** * ** ***0.108 *** ** *** *0.036 ***0.084 ***0.139 ***0.174 *** ** *** *** *** ***0.086 *** ***0.531 أحيانا غالبا دائما نسبة النازحين للسكان المقيمين نسبة الوفيات إلى السكان المحافظات )الفئة المرجعية»دمشق«( حلب ريف دمشق حمص حماة الالذقية ادلب الحسكة دير الزور طرطوس الرقة درعا السويداء القنيطرة الثابت عدد المشاهدات االرتباط Log-Likelihood ;* - note:.01 - ***;.05 - **;.1

68 المركز السوري لبحوث السياسات 68

69 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 69 الفصل الرابع: البدائل والسياسات المقترحة

70 المركز السوري لبحوث السياسات أوال : العدالة وتفكيك مقومات العنف كمنطلق للحل 70 نالت سنوات المأساة السورية الطويلة من المجتمع وأصابته بالتهتك والتمزق والتشتت واالنكسار فالشعارات التي هتف بها المجتمع المنتفض في آذار 2011 من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية انتهت نتيجة النزاع المسلح إلى مزيد من القمع والظلم والطغيان والذل وتدهور كارثي بالحياة المعيشية والصحية والتعليمية واالجتماعية. أظهر التقرير مقدار التفكك والتشرذم في العالقات والشبكات االجتماعية وتحولها إلى عالقات وشبكات يسودها الطغيان والتعصب والتطرف. فقد تدهورت منظومة القيم والمبادئ الجامعة كما انهارت الثقة المجتمعية في معظم المناطق والمدن السورية بين األفراد والجماعات وبينهم وبين المؤسسات الناظمة للحياة العامة نتيجة تفشي االعتقال والخطف والسرقة والقتل والتغييب القسري وغيرها من المظاهر السلبية. لكن وعلى الرغم من سواد المشهد السوري ال بد من اإلضاءة على بعض الصور التي تعكس إستجابة المجتمع لخطورة المرحلة التي يشهدها البلد في كل المناطق السورية سواء الخاضعة لسيطرة النظام أو التي تسيطر عليها بقية األطراف. فقد ازدادت التنظيمات المدنية المناقضة للجماعات المذهبية أو القومية في المدن والمناطق المنكوبة على كافة مستويات الحياة المعيشية والتعليمية والطبية واإلغاثية وكذلك في المدن اآلمنة نسبيا التي استقطبت العديد من النازحين حيث لم تشهد هذه المناطق والمدن حوادث ملفتة من مظاهر التعصب أو الممارسات الطائفية على الرغم من اإلستقطاب الكبير الذي رعته ومارسته جميع األطراف المتنازعة. ويواجه المجتمع السوري في المرحلة المقبلة استحقاقات كبيرة تتجلى في وقف العنف فاستمرار العنف ي هيئ عوامل جديدة كفيلة باستمرار تهتك النسيج االجتماعي حيث بي ن البحث صعود العوامل التنموية المتدهورة إلى جانب النزاع المسلح ودوره العنفي والعصبوي المباشر كمصادر للتفكك االجتماعي وتضعضع العالقات الشبكية المجتمعية. فاالستمرار في تغييب الفضاء العام وسياسة اإلخضاع عبر الحصار أو التهجير أو الحرمان من أبسط مقومات الحياة ي عقد محاوالت الحل أو إعادة بناء السلم األهلي والتماسك واالندماج المجتمعي ودعم عودة النازحين والالجئين والمهجرين. إن كبح جماح العنف وإيقاف التردي المتسارع في مستويات المعيشة والتعليم والصحة وإعادة إعمار المدن المنكوبة وترميم البنية التحتية وتخفيف الحرمان والفقر بحاجة إلى عمل إستثنائي يقوم به المجتمع السوري الذي غ ي ب دوره من قبل قوى التسلط المتحاربة. ويتطلب ذلك إعادة بناء المؤسسات على أسس العدالة والمواطنة والديمقراطية وحكم القانون والتشاركية والمساءلة وإطالق الحريات العامة وحرية التعبير وإنتاج المعرفة وحل القضايا الملحة كقضية المعتقلين والمخطوفين والمغيبين قسريا واستغالل النساء واألطفال يتطلب ذلك إعادة بناء المؤسسات على أسس العدالة والمواطنة والديمقراطية وحكم القانون والتشاركية والمساءلة وإطالق الحريات العامة وحرية التعبير وإنتاج المعرفة

71 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 71 يواجه المجتمع السوري في المرحلة المقبلة استحقاقات كبيرة تتجلى في وقف العنف فاستمرار العنف ي هيئ عوامل جديدة كفيلة باستمرار تهتك النسيج االجتماعي حيث بي ن البحث صعود العوامل التنموية المتدهورة إلى جانب النزاع المسلح ودوره العنفي والعصبوي المباشر كمصادر للتفكك االجتماعي وتضعضع العالقات الشبكية المجتمعية تفكيك ب نى التسلط السياسي والعسكري والعصبوي والمتطرف هو حجز الزاوية في تجاوز المأساة وضمان عدم تجددها مستقبال ومكافحة الظواهر السلبية من سرقة وتعدي على الملكيات الخاصة وخطف واعتقال التعسفي وتغييب القسري وانتشار السالح. إن تفكيك ب نى التسلط السياسي والعسكري والعصبوي والمتطرف هو حجز الزاوية في تجاوز المأساة وضمان عدم تجددها مستقبال. يركز التقرير في هذا الفصل على السياسات والتدابير والبدائل الممكنة التي تساعد على زيادة وتفعيل رأس المال االجتماعي بما يعيد الثقة بين األفراد والجماعات المختلفة ويساهم في إعادة بناء الشبكات والعالقات فيما بينهم بما يضمن تعزيز التضامن والتعاون والتكافل المجتمعي ويؤسس لمنظومة قيم ومبادئ مجتمعية جديدة بعيدا عن التطرف والتعصب واالنتقام والكيدية. وتؤسس المقترحات لفضاء عام يساعد على بناء العالقات الشبكية المدنية بين المواطنين بما يضمن مشاركتهم العادلة والفعالة في بناء المؤسسات السياسية والمجتمعية التي تضمن االنسجام المجتمعي والتقدم الحضاري. وتظل نقطة البداية هي األصعب نتيجة التعقيد الذي أوصل سوريا إلى أزمة إنسانية عالمية ي ستخدم فيها الجيوش والميلشيات وكافة أنواع األسلحة ويتداخل اإلقليمي والعالمي وي هم ش البعد اإلنساني إلى مستويات غير مسبوقة. إضافة إلى تغول الطغيان السياسي والتطرف والعصبية وهدر الموارد المحلية والدولية بتأجيج العنف وغدت اقتصاديات النزاع في سوريا عابرة للحدود وتجسدت في صراع مستعص يتم تمويله بسخاء. وانعكس ذلك في إقصاء المجتمع السوري بمختلف الوسائل ومعاناته من أكبر أزمة نزوح ولجوء على المستوى العالمي منذ الحرب العالمية الثانية وتعرض رأس ماله االجتماعي إلى تخريب ممنهج. وتنطلق المقاربة التي يطرحها البحث من فكرة العدالة التي ت عتبر حجر الزاوية إلعادة بناء الثقة وتعزيز الروابط في المجتمع لتجاوز الكارثة وبناء المستقبل. وعرف راولز المجتمع العادل والمنصف في كتابه نظرية العدالة )1971( بأنه المجتمع الذي يتمتع كل فرد من أفراده بحق متساو مع حقوق اآلخرين ضمن سياق تدابير وترتيبات وافية من الحقوق األساسية التي تضمن الحريات للجميع والذي يأخذ بعين االعتبار التفاوتات االجتماعية واالقتصادية على أساس المساواة في الفرص وتكون أعظم الفائدة ألقل أفراد المجتمع حظا. أما الحقوق األساسية أو ما أطلق عليه راولز السلع األولية فهي الحقوق والحريات الشخصية والفرص والثروة وقوانين احترام شخصية اإلنسان. وللوصول إلى هذا المجتمع العادل والمنصف ال بد من اختيار المبادئ العادلة الالزمة لبناء الهيكل األساسي للمجتمع التي تؤثر على سلوكيات األفراد. بعد اختيار المبادئ األساسية تأتي المرحلة الدستورية التي يتم فيها اختيار المؤسسات المتسقة مع مبدأ العدالة المختار وصوال إلى األنظمة والتدابير والترتيبات المجتمعية العادلة )راولز 1971(. لكن هل يمكن بالفعل الوصول إلى هذا المجتمع المثالي أين الضامن في أن يتفق الناس

72 المركز السوري لبحوث السياسات 72 باإلجماع على مفهوم ومبادئ العدالة وحدود الحريات ما هو شكل ووظائف المؤسسات التي تحقق هذه الشروط على أرض الواقع وهل علينا أن نركز فعال على شكل المؤسسات أم نكتفي بأن تحقق المؤسسات ما يطمح إليه األفراد والمجتمع. قد ال تكون المؤسسات مثالية كما أراد لها راولز أن تكون وإنما يمكن الوصول إلى بدائل مجتمعية خاصة على سبيل المثال ما اسماه رودريك 2008 "ثاني أفضل المؤسسات" وهي مؤسسات اختبرتها بعض الدول التي خالفت النموذج السائد من المؤسسات. ويرى سن في كتابه فكرة العدالة أن العدالة مرتبطة إلى حد كبير بطريقة حياة الناس ال بطبيعة المؤسسات المحيطة بهم فقط وبالتالي ال بد من التركيز على واقع حياة الناس وعلى طرق الحياة الفعلية في تقييم العدالة التي تحمل الكثير من المضامين بعيدة األثر على مفهوم العدالة )سن 2009( خاصة مع ما يمر به المجتمع السوري من معاناة. من الحلول المهمة التي طرحها "سن" االنطالق من إدراك المظالم وتشخيص الظلم ثم رفعه عن الناس بهدف إعالء العدل بدال من توصيف المجتمع المثالي العادل. كما أكد على فكرة الخيار االجتماعي التي ترتكز على التقييمات النسبية ال على المافوقية )أي المؤسسات العادلة كما وصفها راولز( وعلى أهمية اعتبار تعدد الدوافع المنطقية والتي تبدو متناقضة في كثير من األحيان وتنوع التفسيرات والمداخالت والسماح بطريقة معقولة بالحلول الجزئية والتأكيد على دور النقاش العام في الخيار االجتماعي. وتعنى نظرية الخيار االجتماعي باألساس المنطقي لألحكام االجتماعية في ضوء تفضيالت الناس وأولوياتهم ورغباتهم وشواغلهم كمظالم الفقر واالعتقال وتحرر المرأة بدال من البديل األعلى أو المثالي وهذا يفسح المجال إليجاد بدائل ممكنة )سن.)2009 تساهم محددات السلوك الفردي والمجتمعي مباشرة في تحديد طرق الحياة وتسهيل قدرة الناس على اختيار القيم واألولويات المشتركة وال سيما من خالل ما أطلق عليه "سن" النقاش العام المفتوح أي الحوار المجتمعي. ويتضمن الوصول إلى حالة الحوار المجتمعي أو النقاش العام توفير حرية التعبير وحق المعرفة وتسهيل عملية الحوار المبنية على أسس تنويرية معرفية وبالتالي التركيز على ضرورة فهم الديمقراطية انطالقا من قدرتها على إثراء المشاركة العقالنية من خالل توفير البيئة المناسبة للحوار التفاعلي ال من خالل شكل المؤسسات الديمقراطية فقط. كما يمكن لألفراد والجماعات أن يتعاونوا مهما اختلفت مذاهبهم وانتماءاتهم عندما يتشاطرون مفهوما سياسيا واحدا ومتفقا عليه للعدالة وهو ما وصفه راولز في كتابه الليبرالية السياسية )1993( العدالة بصفتها إنصافا. وبذلك يكون لدور المؤسسات أهمية خاصة إضافة ألهمية قدرة المواطنين على التكيف مع المؤسسات العادلة ورغبتهم في التصرف على أساس هذه المؤسسات. فعندما يؤمن الناس بإنصاف هذه المؤسسات يتجاوبون بفعالية أكثر في تطبيق الترتيبات التي تحدد سلوكهم خاصة إذا وجدوا الضامن بالتزام اآلخرين بهذه المؤسسات األمر الذي يعزز الثقة بين األفراد والشعور باإلنتماء الذي يزداد طردا كلما أثبتت هذه المؤسسات استدامتها )راولز 1971(. كل ذلك يبدو ممكنا إذا ما و جدت الطريقة المناسبة إليجاد هذه المؤسسات المبنية على القراءة الواقعية للمعايير والضوابط السلوكية للناس ال العكس )سن 2010(. ونظر أرسطو للعدالة من زاوية األخالق وقسمها إلى عدالة توزيع الموارد بعد األخذ بعين االعتبار االستعداد والمؤهل والقدرة وعدالة التصحيح والتي تعني الوضع السوري أكثر وتكمن وظيفتها في إعادة الحق إلى نصابه وأصحابه. وركز أرسطو على ما أسماه ب"عدالة الوسط" فال إفراط وال تفريط ال زيادة وال نقصان وهو أمر ضروري للخروج من الطوباويات والراديكالية في طلب العدالة )جونستون 2011(. إن فهم عملية تراكم رأس المال االجتماعي حتى بشكلها المبسط يساعد إلى حد كبير في تنطلق المقاربة التي يطرحها البحث من فكرة العدالة التي ت عتبر حجر الزاوية إلعادة بناء الثقة وتعزيز الروابط في المجتمع لتجاوز الكارثة وبناء المستقبل

73 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 73 تحديد كيفية التأثير وتحفيز محددات رأس المال االجتماعي. ويمكن إيجاز هذه العملية على الشكل التالي: تبدأ بلورة مكونات رأس المال االجتماعي بفتح الحوار والنقاش العام على أسس حرية التعبير والمعرفة بين أفراد المجتمع والجماعات والمؤسسات المختلفة من أجل اإلتفاق على القيم والمبادئ والتطلعات واألهداف المشتركة انطالقا من منظومة القيم المتعارف عليها في التشريع الدولي واإلنساني القائم على تحقيق العدالة وحفظ الحقوق العامة والخاصة وكرامة وحرية االنسان ومن خصوصية كل مجتمع وعالقته مع المجتمعات األخرى. تؤسس تلك القيم لخلق بيئة مناسبة لبناء الثقة المجتمعية األولية التي تسمح للتعاون والتكافل واإلندماج والتماسك المجتمعي الذي ت بنى عليه شبكات وروابط وعالقات مجتمعية جديدة قائمة على االحترام المتبادل ومبدأ المواطنة والمدنية. وبقدر ما يكون التفاعل بين الناس متسق مع المبادئ والقيم المشتركة التي اتفق عليها يزداد تراكم رأس المال االجتماعي نحو تكريس هذه القيم وتطويرها ويعزز بدوره الثقة المجتمعية بين أفراد المجتمع والجماعات المختلفة وتزدهر أنماط العالقات والشبكات والتنظيمات المدنية التي تسعى لتحقيق الصالح العام بما ال يتناقض مع حرية األفراد الخاصة )الشكل 21(. الشكل رقم )21(: عملية تراكم رأس المال االجتماعي المزيد من الثقة أو تراجعها تكريس القيم أو تعديلها أو تغييرها أنماط جديدة من الشبكات الممارسة والتطبيق والتجربة النقاش العام عملية تراكم رأس المال االجتماعي تفعيل العالقات والشبكات والروابط منظومة قيم ومبادئ وتفاهمات مشتركة بناء الثقة على أسس جديدة المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

74 المركز السوري لبحوث السياسات ثانيا : التوصيات والبدائل 74 ماهي األولويات المجتمعية التي يفترض أن ينطلق منها المجتمع السوري لكي يؤسس لمبادئ وقيم متفق عليها تنسجم مع خيارات الناس وتحقق طموحاتهم وتفضيالتهم ورغباتهم ضمن مفهوم المصلحة العامة المشتركة خاصة بعد كل الدمار والتشظي الذي عانى منه ما هي السياسات واآلليات التي تؤدي إلى تفعيل دور المجتمع المدني لتمكين العالقات والروابط المجتمعية على أسس المواطنة والعدالة واالحترام المتبادل وضمان الحريات الخاصة والعامة وحق التعبير والمعرفة كيف يمكن بناء الثقة المجتمعية بمحوريها الثقة بين األفراد والجماعات وفيما بينهم والثقة بالمؤسسات الناظمة للحياة العامة ومحور عودة األمان واالستقرار القائم على الحفاظ على حياة األفراد وحماية حقوقهم العامة والخاصة ضمن شرعة حقوق اإلنسان ال يدعي البحث اإلجابة على هذه التساؤالت إنما يقدم مقاربة سياساتية بناء على تحليل رأس المال االجتماعي في سوريا والضرر الذي أصابه نتيجة النزاع المسلح. وتنطلق هذه المقاربة من العمل على وقف نزيف رأس المال االجتماعي الذي أسهم به العنف على المستوى المحلي والوطني ووضع تصور للخطوات التي يمكن أن تعيد اإلندماج االجتماعي آخذين بعين االعتبار المواطنين السوريين في الداخل والخارج. والمقاربة أولية تمهد لسياسة اجتماعية يسهم في تشكليها مختلف الفاعلين وتهدف إلى خدمة الصالح العام كما يمكن أن تشكل أرضية مبنية على األدلة لمفاوضات يلعب فيها المجتمع دورا أساسيا في تحديد أولويات السياسة االجتماعية والمؤسساتية والدفع باتجاه طرح هذه األولويات في مختلف محاور المفاوضات السياسية كالتي تجري في جنيف مثال. إن السياسة االجتماعية المطلوبة لتحقيق التنمية االجتماعية تصبو إلى تحقيق العدالة االجتماعية كهدف بعيد األجل وذلك عبر أهداف فرعية تتمثل في تأمين سبل العيش الالئقة والمستدامة واإلندماج االجتماعي والحق في المشاركة والتعبير والمساءلة. ويرتكز تحقيق التنمية االجتماعية إلى تقليص التفاوت الهيكلي على أساس الثروة والنفوذ والوضع االجتماعي )داني وديهان 2008(. فقد عانت سوريا قبل األزمة من غياب للسياسة االجتماعية بمفهومها الواسع حيث اقتصر دورها على تقديم الخدمات االجتماعية كالصحة والتعليم والدعم للسلع األساسية. ومنذ تسعينات القرن الماضي وكما حدث في معظم الدول النامية اتجهت السياسة االجتماعية قبل األزمة إلى شبكات األمان االجتماعي لتواجه بشكل أساسي تبعات أضرار برامج "اإلصالح االقتصادي الهيكلي" الذي ن فذ في سوريا. ترافق ذلك مع تراكم اإلقصاء والتفاوت االقتصادي واإلجتماعي على عدة مستويات دون توفر المؤسسات السياسية أو االجتماعية القادرة على تقليص التشوهات التي لحقت باإلندماج االجتماعي أفقيا عبر الجماعات وعاموديا مع مؤسسات الدولة والسوق والذي أطلق عليه المركز السوري لبحوث السياسات "االختناق المؤسساتي" )المركز السوري لبحوث لقد غاب الجانب االجتماعي المتعلق بالتمثيل والمشاركة واالندماج االجتماعي على اعتباره يدخل في الحقل "السياسي" الذي لم تسمح الطبيعة االستبدادية للمؤسسات الرسمية من مقاربته أو تغييره

75 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 75 يقترح البحث مالمح السياسة االجتماعية من خالل العمل على أهداف رئيسية تتعلق بالعيش الالئق واالندماج االجتماعي والمشاركة والتعبير السياسات 2013(. لقد غاب الجانب االجتماعي المتعلق بالتمثيل والمشاركة واالندماج االجتماعي على اعتباره يدخل في الحقل "السياسي" الذي لم تسمح الطبيعة االستبدادية للمؤسسات الرسمية من مقاربته أو تغييره أما المساحة األوسع في السياسات التنموية فقد كانت للسياسات االقتصادية التي اتبعت النهج النيوليبرالي الذي عزز التفاوت مما أدى إلى نتائج اجتماعية سلبية على صعيد العدالة واالندماج االجتماعي قبل األزمة. ومن هنا يفترض بالسياسة االجتماعية المقترحة أن تتجاوز جذور األزمة في سوريا من الجانب االجتماعي من خالل إدراج االندماج االجتماعي وعدالة الفرص وتطوير مؤسسات تضمينية ومساءلة. إضافة إلى التحديات السابقة شكل النزاع في سوريا الذي بدأ حراكا مجتمعيا مطالبا بالحريات العامة ثم تحول إلى نزاع مسلح دام تداخلت فيه العديد من القوى الدولية واإلقليمية كارثة إنسانية كبرى فاقمت إلى أبعد الحدود معاناة المجتمع السوري لجهة فقدان األرواح واإلصابات والتهجير والخطف ودمار البنية االقتصادية بما في ذلك الثروة المتراكمة عبر األجيال والدمار البيئي وتغول قوى التسلط المتعددة بأشكالها الرسمية وغير الرسمية السياسية والمجتمعية. لقد أظهر البحث الضرر الهائل الذي لحق برأس المال االجتماعي ولكل مكوناته )الشبكات والثقة والقيم المشتركة( فالحرب جعلت من أبناء الوطن أعداء شرسين لبعضهم البعض وتلقت قوى التسلط كل أنواع الدعم السياسي والمالي والبشري إقليميا ودوليا الستمرار القتال مما يجعل من تحديات السياسة االجتماعية غاية في التعقيد والصعوبة خاصة في ظل استمرار النزاع. إن مالمح السياسة االجتماعية المقترحة تستهدف المساهمة في الخروج من حالة النزاع المسلح والتشظي االجتماعي وتجاوز آثار العنف واالستقطاب في إطار تنموي متكامل ال يكتفي بعودة االستقرار بل يعمل على ترسيخ مقومات النهوض التنموي المستدام والعادل. ويفترض البحث أن السياسة االجتماعية في ظل التشظي ستكون عملية معقدة ومبنية على حوارات مطولة يتم العمل عليها من قبل العديد من الفاعلين من التصميم إلى التنفيذ. كما أنها تتكامل مع االقتصادي والسياسي والبيئي فمثال ال يمكن طرح العدالة في الجانب االجتماعي بينما البنية االقتصادية مبنية على التفاوت واإلقصاء. ويقترح البحث مالمح السياسة االجتماعية من خالل العمل على أهداف رئيسية تتعلق بالعيش الالئق واالندماج االجتماعي والمشاركة والتعبير. وفي هذا السياق تطرق بحث سابق للمركز السوري لبحوث السياسات إلى "الحماية اإلنسانية" التي تتضمن عملية تنموية تضمن االستثمار في القدرات وتوفير العمل الالئق وعدالة الفرص باإلضافة إلى احترام شخصية اإلنسان وكرامته )شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية 2014( ويركز هذا البحث وبشكل متكامل على توفير البيئة المناسبة لتشكل رأس المال االجتماعي الذي ينعكس في انسجام واندماج اجتماعي أكبر بين المجموعات المختلفة وبين األفراد والجماعات والمؤسسات وتتطلب هذه البيئة تحوال باتجاه مؤسسات رسمية وغير رسمية تتسم بالتضمين واإلستجابة والمساءلة. وأظهر البحث محددات عامة ترتبط برأس المال االجتماعي خالل النزاع فهو يرتبط إيجابا مع تحسن مستويات التعليم والصحة والعمل والمستوى المعيشي وعكسا مع القتل والنزوح واقتصاديات العنف والمؤسسات المتسلطة وغير العادلة وبالتالي ال بد من أخذ هذه المحددات بعين االعتبار عند طرح البدائل الممكنة والمتاحة. وفيما يلي مالمح أولية لتعزيز كل من مكونات رأس المال االجتماعي بما يدفع باتجاه المزيد من االندماج االجتماعي انطالقا من مبدأ العدالة االجتماعية. الشبكات والعالقات االجتماعية إن االنطالق من وقف العنف وتعزيز األمان وفتح النقاش العام وضمان الحريات العامة أمر جوهري وأولوية استراتيجية لتطوير القيم والتفاهمات الحالية للوصول إلى نمط جديد من العالقات االجتماعية واإلفالت من مصيدة العصبية والتطرف واإلقصاء حيث ظهر واضحا في البحث دور المؤسسات التمييزية واالنخراط في العمل المرتبط بالعنف والنزوح كعوامل رئيسية مرتبطة بتدهور رأس المال االجتماعي ويتطلب ذلك:

76 المركز السوري لبحوث السياسات 76 وقف العنف بكافة أشكاله وإعادة األمان إلى حياة المواطنين وصون كرامتهم وشخصيتهم وإطالق المعتقلين وكشف مصير المغيبين قسرا عبر لجان لكشف الحقائق. تحويل دور المؤسسات من االستبداد والعنف إلى التضمين والكفاءة والمساءلة وهذا يحتاج إلى جهود جميع الفاعلين المدافعين عن أولويات المجتمع وباالستناد إلى عدم قابلية النمط الحالي للمؤسسات لالستمرار إال بعنف وقهر مطردين. تغيير في وظيفة ودور المؤسسات العامة بحيث يشكل إصالحها مدخال لبناء العالقات والشبكات بين السوريين بناء على مواطنة متساوية بما يعزز الثقة المتبادلة وعدم بناء مؤسسات تمييزية تقوم على نتائج التشظي الحالي وتنتهي بمحاصصات إثنية ومناطقية األمر الذي يشكل تدهورا إضافيا في رأس المال االجتماعي التجسيري. تفكيك بنى العنف التي دفعت شرائح مجتمعية كبيرة من السوريين وغير السوريين إلى االنخراط في آلة القتل والذي تبين أنه أحد أهم العوامل في تراجع التعاون والتشبيك المجتمعي وتقف وراء هذه البنية التي تستغل الموارد المادية والالمادية في استمرار العنف قوى تسلط متعددة مما يتطلب تغييرا مؤسساتيا يسمح بتوسيع دور القوى المجتمعية صاحبة المصلحة في وقف العنف وصوال إلى تحميل المسؤوليات ومساءلة المسؤولين الرئيسين عن تفجر واستمرار العنف والتدمير. مواجهة آثار االختالل الديمغرافي الناتج عن األزمة والمتمثل بالنزوح واللجوء وفقدان أفراد األسرة وتشتت أفرادها والعمل على بناء شبكات العالقات االجتماعية ضمن مجتمعات النازحين ومجتمعات اللجوء وبينهم وبين المجتمعات المضيفة بما في ذلك العمل المشترك والتطوع والتمثيل والمشاركة. ضمان حق المشاركة والتشاركية في اتخاذ القرار العام بين القطاع العام والخاص واألحزاب السياسية والمجتمع المدني وذلك بالوسائل الديمقراطية والتركيز على مشاركة المرأة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا كجزء أساسي من التعافي االجتماعي المطلوب باتجاه تقليص التفاوت الهيكلي وبناء اإلندماج االجتماعي. فتح مجاالت الحوار والنقاش العام بالوسائل الديمقراطية والتضمينية وضمان حق التظاهر السلمي والتجمع وتأسيس األحزاب السياسية والجمعيات والتنظيمات المدنية المختلفة والحوار فيما بينهم وبينهم وبين المؤسسات العامة للوصول إلى رؤية وطنية عامة تؤسس لعقد اجتماعي مستقبلي وتنسجم مع تطلعات أفراده وجماعاته وتضع تصورا لتجاوز الكارثة بما في ذلك كيفية البناء والتعويض عن األضرار الهائلة المعنوية والمادية. تطوير استراتيجية إعادة البناء بما يضمن بيئة محفزة لالندماج االجتماعي وفرصة لعمل السوريين سوية لالستفادة من دروس النزاع وتجاوزه إنسانيا ومعرفيا وتنمويا. تفعيل دور اإلعالم لتعزيز مفهوم الشفافية والمسؤولية وضمان حرية التعبير والمعرفة والنشر والطباعة والنفاذ إلى المعلومات وتداولها ونشرها. وتفعيل الدور المجتمعي في مواجهة استثمار قوى التسلط لإلعالم في تسييس الهوية والكراهية ورفض اآلخر. ضمان الحريات العامة والخاصة والحفاظ على الملكيات الخاصة وحقوق الملكية الفردية واستعادة الحقوق وتعويض المتضررين ممن خسروا ممتلكاتهم بسبب األزمة. تعزيز ثقافة السلم األهلي والمواطنة القائمة على التعددية الفكرية والثقافية واحترام األديان والثقافات واإليديولوجيات المختلفة ونبذ التعصب والتطرف مما يؤسس لعالقات وروابط مدنية تساهم في تراكم رأس المال االجتماعي. ضمان حق األفراد في المشاركة باتخاذ القرار والتصويت الحر على المستوى المحلي والوطني. تحويل دور المؤسسات من االستبداد والعنف إلى التضمين والكفاءة والمساءلة ظهر واضحا في البحث دور المؤسسات التمييزية واالنخراط في العمل المرتبط بالعنف والنزوح كعوامل رئيسية مرتبطة بتدهور رأس المال االجتماعي

77 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 77 تطوير استراتيجية إعادة البناء بما يضمن بيئة محفزة لالندماج االجتماعي وفرصة لعمل السوريين سوية لالستفادة من دروس النزاع وتجاوزه إنسانيا ومعرفيا وتنمويا أولويات العمل على تعزيز مكون الشبكات والعالقات االجتماعية ترتبط بشكل كبير بتوفير بيئة مؤسساتية تتيح المشاركة الفعالة من قبل الجميع ودون تمييز تمكين المجتمع المدني المحلي والتنظيمات المدنية واألهلية من خالل تسهيل عملية التأسيس والنفاذ إلى المعلومات والتمويل بما يضمن استمراريتها واستدامتها ويشجع العمل التطوعي. وبالتالي فإن أولويات العمل على تعزيز مكون الشبكات والعالقات االجتماعية ترتبط بشكل كبير بتوفير بيئة مؤسساتية تتيح المشاركة الفعالة من قبل الجميع ودون تمييز إال أن تفعيل هذه البيئة يحتاج إلى العمل أوال على وقف العنف والقتل ثم الدفع باتجاه حوار مجتمعي يساهم في بناء مؤسسات بشكل تشاركي مما ي عزز مشاركة الجميع في عملية اتخاذ القرارات العامة وي وفر الشروط المناسبة لمشاركة المرأة بشكل فعال في النشاط العام وي طور عالقات التعاون بين أفراد المجتمع الواحد وبين المجتمعات المحلية المختلفة وي حفز على العمل التطوعي لخدمة المجتمع. وتشير نتائج البحث إلى االختالف الكبير بين المناطق فيما يتعلق بمكون الشبكات االجتماعية وأثر األزمة عليه وبالتالي فإن االهتمام بتعزيز هذا المكون وتفعليه يحتاج إلى خطة عمل للمقترحات أعاله على المستوى الوطني مع إعطاء األولوية للمناطق األكثر تضررا على مستوى العالقات االجتماعية مثل الرقة وإدلب والحسكة ودير الزور التي تعرضت كل منها إلى أعمال عنف وقتال واسعة وعمليات تهجير ونزوح لآلالف من السكان األمر الذي أدى إلى تمزق حاد للشبكات االجتماعية. الثقة المجتمعية يتعزز مؤشرا مكون الثقة المجتمعية الثقة بين األفراد والشعور باألمان من خالل التجربة التي تساعد على بناء الثقة من جهة وتمكين العالقات من جهة أخرى. ويرتبط تعزيز الثقة المجتمعية بالعدالة بين األفراد والجماعات المختلفة وتوفير األمن واالستقرار والرفاه االجتماعي مما يتطلب: وقف القتل واالنخراط في العنف باعتباره أهم العوامل التي أثرت سلبا على أمان المواطنين وبالتالي على الثقة ويحتاج ذلك إلى الضغط على القوى الراغبة باستمرار العنف ومنع انتشار السالح عشوائيا والتأكيد على دعم المسار السلمي السياسي باتجاه حل عادل مع أوسع مشاركة ممكنة. حفظ األمن واألمان ومواجهة حاالت الخطف والسرقة والقتل والمظاهر المسلحة خارج نطاق القانون مما يعزز الثقة المجتمعية والشعور باألمان. إنشاء مؤسسة قضائية مستقلة نزيهة ت عنى بالقضايا العالقة والشائكة مثل قضايا ضحايا التعذيب ومعتقلي الرأي والمخطوفين وضمان المحاكمات العادلة. التركيز على مبدأ فصل السلطات التنفيذية والتشريعية واستقالل السلطة القضائية فال يمكن للعدالة أن تتحقق في ظل نظام سياسي يحتكر السلطات. تنظيم السلطات العامة المحلية الممثلة للشعب على أسس ديمقراطية مع تبني لنظام المركزي يسمح بتوسيع المشاركة والتمثيل مما يعزز الثقة المجتمعية بممثلي المجتمع. وتطوير الحوار لالستفادة من تجربة النزاع المؤلمة في تشظي المؤسسات وصوال إلى رؤية مشتركة لدمج القوى الالدولتية في أطر مؤسسية تضمينية. تطوير استراتيجية اقتصادية في إطار تنموي لخلق فرص عمل الئقة بهدف إعادة البناء المستدام والتضميني وتقليص دور المؤسسات المرتبطة بالعنف. مع ضمان الحفاظ على الملكيات الخاصة من السلب والنهب والسرقة واالستمالك الجائر واإلعتداء وضمان استرداد الحقوق وتعويض خسائر األفراد المتضررين من الحرب بكافة السبل الممكنة. تطوير استراتيجية للحماية اإلنسانية تضمن الصحة والتعليم ومواجهة الفقر والحرمان والمرض للجميع. إعطاء قضية النازحين االهتمام الكافي لمساعدتهم في العودة أو االندماج في المجتمعات الجديدة وبما في ذلك تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم.

78 المركز السوري لبحوث السياسات 78 االهتمام بقضية الالجئين وحفظ حقهم في العودة دون قيود وضمان حقهم في المشاركة باتخاذ القرار وتكوين الرؤى المستقبلية على المستوى الوطني. وفتح الخيار لعودتهم إلى مناطقهم واستعادة كافة حقوقهم. يلعب الشعور باألمان دورا كبيرا في مكون الثقة المجتمعية وبالتالي فإن وقف العنف ومحاربة المظاهر االجتماعية السلبية من قتل وخطف وسرقة تعتبر أولوية لتعزيز هذا المكون كما أن الشعور باألمان يتعزز بتوفير الحماية اإلنسانية من صحة وتعليم وعمل الئق ومشاركة سياسية واقتصادية. ويزداد مؤشر الثقة بين األفراد الذي يشكل المحور الثاني من مكون الثقة المجتمعية بإعطاء األولوية لتطبيق سيادة القانون ووجود القضاء المستقل والعادل. أما مناطقيا فاألولوية للعمل على المناطق التي انهارت فيها الثقة نتيجة القتال العنيف واالستقطاب الحاد مثل الرقة وإدلب ودير الزور والحسكة وحلب مع ضرورة العمل باتجاه النقاط المقترحة أعاله في كافة المحافظات. القيم واالتجاهات المشتركة يعتبر اإلتفاق على القيم واالتجاهات المشتركة من العوامل األساسية التي تضمن االندماج والتماسك المجتمعي وتحفز العمل الجماعي والتضامن الذي يعتبر من أهم عوامل تحقيق التنمية وكما وضح البحث قد يقود االتفاق على مستوى الجماعة المحلية في القيم مقابل معاداة قيم "اآلخر" إلى أثر سلبي على رأس المال االجتماعي. إن اإلتفاق على الرؤى على كافة المستويات المحلية والوطنية مرتبط بتجاوز جذور النزاع والتأسيس لمستقبل قائم على عدالة الفرص والقدرات مما يتطلب: - الرؤية المستقبلية تتعلق بتكوين عقد اجتماعي جديد والذي يرتكز على ضمان حوار مجتمعي واسع ومستند إلى المعرفة واإلرداة في البناء والعدالة والمواطنة المتساوية وبناء عليه يتم صناعة البنية المؤسسية الجديدة بوظائفها التي تنهض بسوريا وتحقق اإلندماج المجتمعي. - توسيع المشاركة في رسم االستراتيجية التنموية على المستوى المحلي والوطني لتجاوز العنف وتحقيق تنمية تضمينية شاملة تقوم على استثمار ما تبقى من الموارد الوطنية بالشكل األمثل على أن ت بنى هذه البرامج والخطط على أسس العدالة في توزيع الثروة وتحقيق اإلنسجام االجتماعي وزيادة الرفاه. - تطوير سياسات وبرامج تقوم على مشاركة واسعة من األفراد والجماعات لجعل العمل للمستقبل أداة في مواجهة آثار النزاع وذلك ضمن مؤسسات تضمينية يثق األفراد بها. - احترام التنوع الثقافي وحماية حرية التعبير والتفكير والضمير وإزالة أي تمييز في المؤسسات بين المواطنين مبني على أساس الدين أو االعتقاد أو المنطقة أو الجنس. - تبني سياسات اقتصادية بديلة عن السياسات النيوليبرالية التي ساهمت في تفاقم التفاوت وتدهور التنمية قبل األزمة وعظمت من أثقال النزاع على الناس لصالح أمراء وتجار الحرب وتقوم السياسات البديلة على النمو التضميني واالستفادة من رأس المال البشري والمشاركة والمؤسسات الكفء وتعمل على تصحيح الخلل الكارثي في توزيع الثروة أثناء النزاع. - تطوير مؤسسة السوق لتكون كفوة ومساءلة وتضمينية تفتح المجال لالستثمار الخاص الكفء والفعال بعيدا عن رأسمالية المحاسيب واالستغالل وتوسيع فرص وخيارات العمل المنتج لتقليص معدالت البطالة وحض السوريين في الخارج على العودة والمشاركة. - تعزيز الدور االقتصادي للمجتمع المدني واألهلي وإسهامه المباشر في إعادة البناء عن طريق األسلوب التطوعي أو التعاوني ليكون العبا رئيسيا في التنمية المستقبلية ومدافعا عن األولويات المجتمعية مما يعزز االندماج العامودي مع المؤسسات ويقرب بين اتجاهات األفراد والجماعات. تنظيم السلطات العامة المحلية الممثلة للشعب على أسس ديمقراطية مع تبني لنظام المركزي يسمح بتوسيع المشاركة والتمثيل مما يعزز الثقة المجتمعية بممثلي المجتمع الرؤية المستقبلية تتعلق بتكوين عقد اجتماعي جديد والذي يرتكز على ضمان حوار مجتمعي واسع ومستند إلى المعرفة واإلرداة في البناء والعدالة والمواطنة المتساوية

79 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 79 تبني سياسات اقتصادية بديلة عن السياسات النيوليبرالية التي ساهمت في تفاقم التفاوت وتدهور التنمية قبل األزمة وعظمت من أثقال النزاع على الناس لصالح أمراء وتجار الحرب فتح مجال النقاش والحوار العام التفاعلي على المستوى المحلي بين أفراد المجتمع والجماعات والمؤسسات المختلفة - تأهيل البنية التعليمية وإعادة النظر في المناهج التعليمية بما يرفع من سوية التعليم نوعيا إضافة إلى إعادة المدارس الخارجة عن الخدمة وتأهيل الكوادر التعليمية لتمكينها من إنجاز استحقاقات المرحلة القادمة في رفع سوية التعليم الذي وصل إلى مستويات خطيرة كما ونوعا مع األخذ بعين اإلعتبار الخسائر الخطيرة خالل األزمة في سنوات التمدرس وزيادة التسرب في التعليم. - إعادة تشكيل النظام الصحي وإتاحة الخدمة الصحية للجميع وتأهيل المستشفيات والمراكز الطبية وإنشاء مراكز خاصة ت عنى بمصابي الحرب والمعوقين والمرضى نتيجة للتلوث البيئي الخطير والصدمات النفسية. والعمل على تفعيل البرامج الصحية التي تهتم بحمالت لقاح األطفال والسيطرة على األوبئة التي انتشرت بسبب الحرب إضافة إلى ضمان سالمة الكوادر الطبية وتحييدهم عن كافة أشكال النزاع. - وضع سياسات وبرامج لمواجهة الفقر والحرمان الذي بلغ مستويات قياسية أثناء األزمة بطرق مباشرة وغير مباشرة. - فتح مجال النقاش والحوار العام التفاعلي على المستوى المحلي بين أفراد المجتمع والجماعات والمؤسسات المختلفة وضمان حق التجمع والتظاهر السلمي وحق التعبير مما يسهل عملية الوصول إلى رؤى وأهداف وتطلعات مشتركة على المستوى المحلي. - وضع البرامج التنموية التضمينية المحلية بما يتالءم مع الموارد المحلية لكل منطقة أو مدينة وحاجاتها وأولوياتها بما ينسجم مع تصور وطني تنموي. - إعادة بناء البنية التحتية المهدمة والمؤسسات والمرافق العامة وتشجيع القطاعات المحلية الصناعية والزراعية والخدمية بما يضمن مشاركة واسعة في البناء مما يؤسس لتقارب في الرؤى. - إيجاد برامج لتنمية القدرات والكفاءات والمؤهالت لجميع أفراد المجتمع وخاصة الفئات األكثر تضررا من النزاع بما في ذلك المصابين والفقراء والنازحين وتوفير المؤسسات المتخصصة لتقديم الدعم النفسي واالجتماعي لتسريع عملية اإلندماج في المجتمع. بالتالي إن تعزيز سبل وآليات المشاركة في رسم وتنفيذ الخطط واالستراتيجيات على المستوى المحلي والوطني تعتبر من األولويات التي يجب العمل عليها لتطوير مكون القيم واالتجاهات المشتركة إذ أن المشاركة تخفف اإلختالف وتزيد من اإلتفاق على الرؤى المستقبلية كما أن إتاحة المشاركة للجميع تعطي المرأة دورها الفاعل في المجتمع. وي عتبر من أولويات تعزيز هذا المكون إزالة كافة العوائق وتسهيل قدرة األفراد على التجمع والتظاهر السلمي للتعبير عن رأي المجتمع في االستراتيجيات والسياسات المعمول بها كوسيلة تقييم وتصحيح ألداء المؤسسات مما يزبد من الشعور باإلنتماء الجمعي والقدرة على التأثير. وبالنسبة للمناطق فإن األولوية للعمل على الرقة التي شهدت انخفاضا كبيرا في مكانة المرأة والحسكة التي يؤثر فيها االختالف في الرؤى المحلية والوطنية سلبا على مكون القيم واالتجاهات المشتركة.

80 المركز السوري لبحوث السياسات 80 الخاتمة

81 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 81 التركيز على أهمية إحياء السياسات االجتماعية القائمة على العدالة والتنمية المستدامة التضمينية والحلول التنموية االجتماعية البديلة وقف العنف وفتح الحوار المجتمعي يعد ضرورة ملحة للبدء بإعادة ترميم رأس المال االجتماعي والنهوض به لتحقيق تنمية اجتماعية قدم البحث صورة عامة عن مفهوم وقياس رأس المال االجتماعي في سوريا الذي تدهور بشكل متسارع نتيجة للنزاع المسلح الذي توسع ليشمل معظم المناطق والمدن السورية وخلف أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. لقد أثر النزاع على غالبية األفراد والجماعات نتيجة تغول قوى اإلستبداد السياسي والتطرف وقاد إلى نتائج كارثية على المستوى االجتماعي واإلنساني حيث أدى إلى تفكيك العالقات والشبكات القائمة وإعادة بناء روابط مبنية على العصبيات المختلفة وعلى الخوف والخضوع. كما أدى النزاع إلى تراجع الثقة المجتمعية إلى أدنى مستوياتها سواء على مستوى تراجع الثقة بين األفراد أو عدم الشعور باألمان الذي كرسه تزايد العنف والمظاهر السلبية من خطف واعتقال وقتل وسرقة واستغالل لألطفال والنساء. إضافة إلى تعميق الخالف بين أفراد وجماعات المجتمع وفيما بينهم على مستوى القيم والتفاهمات المشتركة بدءا من الهوية ووصوال إلى الطموحات واألهداف المستقبلية. لقد أصيب رأس المال االجتماعي بمكوناته المختلفة )الشبكات والثقة والقيم( بالتهتك حيث أدى النزاع إلى زوال مجتمعات محلية بأكملها وإعادة تشكل "مجتمعات" جديدة فرضها واقع النزوح واللجوء والهجرة الداخلية والخارجية والتهجير جل هذه المجتمعات ال يساهم في بناء اإلنسان. من هنا يأتي التركيز على أهمية إحياء السياسات االجتماعية القائمة على العدالة والتنمية المستدامة التضمينية والحلول التنموية االجتماعية البديلة التي تختلف حسب كل مجتمع وظروفه وخصائصه. يعتبر البدء في بناء السياسة االجتماعية التي تسعى إلى تفعيل العالقات والشبكات االجتماعية وتعزز مبادئ وأسس التعاون والتضامن بين األفراد والجماعات مدخل جوهري لالندماج المجتمعي والتكامل والتعاون بين أفراد المجتمع وجماعاته. كما انطلق البحث في محاولته لتلمس الحلول الممكنة على أسس العدالة واإلنصاف وتطوير المؤسسات البديلة للمؤسسات المبنية على االستبداد والعنف. وبالتالي فإن وقف العنف وفتح الحوار المجتمعي يعد ضرورة ملحة للبدء بإعادة ترميم رأس المال االجتماعي والنهوض به لتحقيق تنمية اجتماعية. قدم البحث مقاربة جديدة لمفهوم رأس المال االجتماعي في ظل النزاع في سوريا وتصميم مسح ميداني متعدد القطاعات لقياسه على مستوى المناطق المحلية ومن ثم تطوير أدلة مركبة لقياس دليل رأس المال االجتماعي ومكوناته باإلضافة إلى دراسة المكونات وتأثرها بالنزاع. وركز البحث على دراسة قياسية لمحددات رأس المال االجتماعي ومكوناته متمثلة بالحالة الديمغرافية والصحية والتعليمية واالقتصادية والمؤسسية إضافة إلى مستويات العنف. وبناء على النتائج تم تقديم مقاربة لمالمح سياسية اجتماعية باتجاه الخروج من نفق النزاع إلى تنمية اجتماعية تحقق االندماج االجتماعي والعيش الكريم والمشاركة والتمثيل. وتبقى العديد من األسئلة والمقاربات التي تحتاج إلى الدراسة والبحث ومنها هل يمكن التأثير مباشرة في تكون رأس المال االجتماعي ما طبيعة رأس المال االجتماعي في مجتمع الالجئين هل المشاركة الواسعة بعد النزاع تقود بالضرورة إلى تخفيف االستقطاب وتعزيز التضامن ما دور القوى الفاعلة خارج سوريا في تهتك أو تعزيز رأس المال االجتماعي هل تقود المحاسبة والمساءلة إلى عودة الثقة المجتمعية ما هو دور ثقافة المجتمع في رأس المال االجتماعي وبالتالي فإن موضوع رأس المال االجتماعي هو ميدان خصب للبحث في ظل العنف لتقديم البدائل للفاعلين وخاصة المجتمع السوري وهذا البحث بداية متواضعة في هذا االتجاه.

82 المركز السوري لبحوث السياسات 82 المراجع

83 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 83 اللغة العربية الرابطة السورية للمواطنة ومجموعة بسمة الدولية )2017(: "أمهات سوريات شهادات" دمشق سوريا المركز السوري لبحوث السياسات )2013(: "الجذور واآلثار االقتصادية واالجتماعية لألزمة السورية" دمشق سوريا. المركز السوري لبحوث السياسات )2016(: "مواجهة التشظي: آثار األزمة السورية خالل العام 2015" دمشق سوريا. أمين طارق )2016(: "المرأة والعمل المدني في جنوبي سورية" جيرون أيلول. انظر الموقع االلكتروني التالي: بركات حليم )1984(: "المجتمع العربي المعاصر: بحث في تغير األحوال والعالقات" مركز دراسات الوحدة العربية. )2006(: "االغتراب في الثقافة العربية: متاهات اإلنسان بين الحلم والواقع" مركز دراسات الوحدة العربية. جباعي جاد الكريم )2016(: "رأس المال االجتماعي في سوريا" ورقة عمل قيد النشر المركز السوري لبحوث السياسات شبكة المنظمات غير الحكومية العربية للتنمية )2014(: "تقرير راصد الحقوق االقتصادية واالجتماعية: الحق في الحماية االجتماعية تقرير سوريا" بيروت لبنان. شربجي محمد رشدي وعبادة كوجان )2016(: "المرأة السورية حضور سياسي وظهور إعالمي". عنب بلدي عدد 203 أيلول. انظر الموقع االلكتروني التالي: نصر محمد وجميل هالل )2007(: "قياس رأس المال االجتماعي في األراضي الفلسطينية" معهد أبحاث السياسات االقتصادية الفلسطيني. اللغة االنكليزية Acquaah, M., et al. (2015). Measuring and valuing social capital: a systematic review. Network for Business Sustainability South Africa, viewed, 16, Aghajanian, A. (2012). Social Capital and Conflict (No. 134). Households in Conflict Network. Alesina, A., La Ferrara, E. (2002). Who trusts others?. Journal of public economics, 85(2), Anheier, H. Kendall, J. (2002). Interpersonal Trust and Voluntary Associations. British Journal of Sociology 53: Banerjee, A., Deaton, A., Lustig, N., & Rogoff, K. (2006). An evaluation of World Bank research, Batatu, H. (1999). Syria's peasantry, the descendants of its lesser rural notables, and their politics. Princeton University Press.

84 المركز السوري لبحوث السياسات 84 Becker, G. S. (1996). Accounting for tastes. Harvard University Press. Bourdieu, P. The Forms of Capital. In Richardson, J. G. (Ed.). (1986). Handbook of Theory and Research for the Sociology of Education. Greenwood Publishing Group. Brehm, J., & Rahn, W. (1997). Individual-level evidence for the causes and consequences of social capital. American journal of political science, Christoforou, A. (2005). On the determinants of social capital in Greece compared to countries of the European Union. Coleman, J. S. (1988). Social capital in the creation of human capital. American journal of sociology, 94, S95-S120. Colletta, N. J., & Cullen, M. L. (2000). The nexus between violent conflict, social capital and social cohesion: Case studies from Cambodia and Rwanda. World Bank, Social Development Family, Environmentally and Socially Sustainable Development Network. Costa, D. L., & Kahn, M. E. (2001). Understanding the decline in social capital, (No. w8295). National Bureau of Economic Research. Costa, D. L., & Kahn, M. E. (2003). Understanding the American decline in social capital. Kyklos, 56, Dani, A. de Haan, A. (2008). Inclusive states: Social policy and structural inequalities. New Frontiers of Social Policy. Washington, DC : World Bank. Dasgupta, P. (1999). Economic progress and the idea of Social Capital. I: Social Capital, A Multifaceted Perspective, eds. Dasgupta, P. og Serageldin, I., Washington DC: The World Bank. DeFilippis, J. (2001). The myth of social capital in community development. Housing policy debate, 12(4), Delhey, J., Newton, K. (2003). Who trusts?: The origins of social trust in seven societies. European Societies,5, Denny, K. (2003). The effects of human capital on social capital: a cross-country analysis. Dinesen, C., Ronsbo, H., Juárez, C., González, M., Estrada Méndez, M. Á., & Modvig, J. (2013). Violence and social capital in post-conflict Guatemala. Revista Panamericana de Salud Pública, 34(3), Durlauf, S. N. (2002). Symposium on social capital: Introduction. The Economic Journal, 112(483), F417-F418.

85 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 85 Edwards, M. (2004). Civil Society Cambridge. Polity, 23. Farr, J. (2004). Social capital: A conceptual history. Political theory, 32(1), Field, J. (2003) Social Capital, Routledge, London Fine, B. (2010). Theories of social capital: Researchers behaving badly. Pluto. Fromm, E. (1994). Escape from freedom. Macmillan. (2001). Beyond the chains of illusion: My encounter with Marx and Freud. A&C Black. Fukuyama, F. (1999). Social Capital and Civil Society: George Mason University. In Delivered at the IMF Conference on Second Generation Reforms. (2001). Social capital, civil society and development. Third world quarterly, 22(1), Gibson, J. L. (2001). Social networks, civil society, and the prospects for consolidating Russia's democratic transition. American Journal of Political Science, Gittell, R., & Vidal, A. (1998). Community organizing: Building social capital as a development strategy. Sage publications. Grix, J. (2001). Review article: social capital as a concept in the social sciences: the current state of the debate. Democratization, 8(3), Grootaert, C., & Van Bastelaer, T. (Eds.). (2002). Understanding and measuring social capital: A multidisciplinary tool for practitioners (Vol. 1). World Bank Publications. Halman, L., & Luijkx, R. (2006). Social capital in contemporary Europe: evidence from the European Social Survey. Portuguese journal of social science, 5(1), Harpham, T., Grant, E., & Thomas, E. (2002). Measuring social capital within health surveys: key issues. Health policy and planning, 17(1), Hawkins, R. L., & Maurer, K. (2009). Bonding, bridging and linking: how social capital operated in New Orleans following Hurricane Katrina. British Journal of Social Work, bcp087. Helliwell, J. F., & Putnam, R. D. (1999). Education and social capital (No. w7121). National Bureau of Economic Research. Hezlett, S. A., & Gibson, S. K. (2007). Linking mentoring and social capital: Implications for career and organization development. Advances in Developing Human Resources, 9(3),

86 المركز السوري لبحوث السياسات 86 Hinnebusch, R. (2012). Syria: from authoritarian upgrading to revolution?. International Affairs, 88(1), Homans, G. (1964). Bringing men back in, American Sociological Review, V29, No 5, December. Howard, M. M. (2003). 10 Why post-communist citizens do not join voluntary organizations. Social capital and the transition to democracy, 20, 165. Johnston, D. (2011). A brief history of justice. Wiley-Blackwell. Keho, Y. (2009). Social Capital in Situations of Conflict: A Case Study from Côte d Ivoire. African Research Review, 3(3). Knack, S., & Keefer, P. (1997). Does social capital have an economic payoff? A cross-country investigation. The Quarterly journal of economics, 112(4), La Porta, R., Lopez-De-Silane, F., Shleifer, A., & Vishny, R. W. (1996). Trust in large organizations (No. w5864). National Bureau of Economic Research. Lasagni, A., & Lollo, E. (2011). Participation in rotating savings and credit associations in Indonesia: New empirical evidence on social capital (No EP05). Department of Economics, Parma University (Italy). Laursen, K., Masciarelli, F., & Prencipe, A. (2007). Regions matter: how regional characteristics affect external knowledge acquisition and innovation. Danish Research Unit for Industrial Dynamics (DRUID) Working Paper, (07-20). Lin, N., Fu, Y. C., & Hsung, R. M. (2001). Measurement techniques for investigations of social capital. LIN, N.; GRUYTER, A. Social capital: theory and research. New York. Malasquez, E. A. (2016). Does conflict undermine social capital? Long-run evidence from Peru. Misztal, B. A. (1996). Trust in Modern Societies: The Search for the Bases of Social Order (Cambridge: Polity). Navarro, V. (2002). A critique of social capital. International Journal of Health Services, 32(3), OECD, (2001). The Well-Being of Nations: the Role of Human and Social Capital, Centre for Educational Research and Innovation, Paris. Paldam, M. (2000). Social capital: one or many? Definition and measurement. Journal of economic surveys, 14(5),

87 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 87 Parts, E. (2009). Social capital, its determinants and relations with economic growth: comparison of the Western European and Central and Eastern European countries (Doctoral dissertation). (2013). The dynamics and determinants of social capital in the European Union and neighbouring countries. Paxton, P. (1999). Is social capital declining in the United States? A multiple indicator assessment 1. American Journal of sociology, 105(1), Portes, A. (1998). Social capital: Its origins and applications in modern sociology. Annual review of sociology, 24(1), Putnam, R. D. (1995). Bowling alone: America's declining social capital. Journal of democracy, 6(1), (2001). Bowling alone: The collapse and revival of American community. Simon and Schuster. Rawls, J. (1993). Political Liberalism, The John Dewey Essays in Philosophy, 4. New York: Columbia University Press. (1971). A Theory of Justice. Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press. (2001). Justice as fairness: A restatement. Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press. Rodrik, D. (2008). Second-best institutions (No. w14050). National Bureau of Economic Research. Rubio, M. (2014). The Effect of Armed Conflict on Social Capital in Colombia. Russell, B. (2009). Authority and the Individual. Routledge. Sacconi, L., & Antoni, G. (Eds.). (2010). Social capital, Corporate social responsibility, economic behaviour and performance. Springer. Scrivens, K., & Smith, C. (2013). Four interpretations of social capital: An agenda for measurement (No. 2013/6). OECD Publishing. Sen, A. (2009). The Idea of Justice. Harvard University Press. Siegler, V. (2014). Measuring social capital. Office for National Statistics, 18. Smith, T. W. (1997). Factors relating to misanthropy in contemporary American society. Social Science Research, 26(2),

88 المركز السوري لبحوث السياسات 88 Stiglitz, J., et al. (2009). Commission on the measurement of economic performance and social progress. Report by the Commission on the Measurement of Economic Performance and Social Progress. Stone, W. (2001). Measuring social capital. Australian Institute of Family Studies, Research Paper, 24. Sudarsky, J. (1999). Colombia's social capital: the national measurement with the BARCAS. National Planning Office. Szreter, S., & Woolcock, M. (2004). Health by association? Social capital, social theory, and the political economy of public health. International Journal of Epidemiology, 33(4), Urry, J. (2002). Mobility and proximity. Sociology, 36(2), Van Deth, J. W. (2003). Measuring social capital: Orthodoxies and continuing controversies. International Journal of Social Research Methodology, 6(1), Whiteley, P. F. (1999). The origins of social capital. In van Deth, JW, Maraffi, M., Newton, K. & PF Whiteley. Social capital and European democracy. Woolcock, M. (2001). Using social capital: Getting the social relations right in the theory and practice of economic development. Princeton, NJ: Princeton University Press. World Health Organization, (2017). Developing health centers and hospitals indices for Syria: based on HeRAMS dataset 2014.

89 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 89 المالحق

90 المركز السوري لبحوث السياسات ملحق )1(: المسح الميداني لحالة السكان 90 منهجية المسح الميداني يهدف المسح الميداني الداعم لتقرير حالة السكان 2014 إلى توصيف وفهم الوضع الديمغرافي واالقتصادي واالجتماعي والمؤسساتي للسكان في سوريا إضافة إلى توفير األساس الالزم لدراسة وتحليل آثار األزمة ويتضمن ذلك األهداف التالية: - توصيف التوزع الجغرافي للسكان من حيث النازحون والمقيمون في مناطقهم وحركة السكان. - التعرف على أهم الخصائص الديمغرافية للسكان في كافة أنحاء البالد. - توضيح الخصائص العامة للحالة االقتصادية للسكان من حيث فرص العمل واألنشطة االقتصادية وأهم مصادر الدخل. - توصيف األوضاع المعيشية من حيث ظروف المسكن والبنية التحتية. - توصيف الحالة الصحية والتعليمية للسكان. - توصيف حالة التفاوت والفقر. - مقاربة الخصائص االجتماعية الرئيسية للسكان. - طبيعة وفعالية المؤسسات القائمة. ونظرا للطبيعة الخاصة للمسح في ظل الظروف المعقدة لألزمة عمل فريق البحث والفريق المركزي على تطوير منهجية المسح بما يسمح بالحصول على مؤشرات نوعية وكمية تحاكي الواقع المتغير بطريقة استثنائية. لذلك تم تطوير مراحل مركبة للمسح تتضمن االستفادة من البيانات الثانوية المتاحة ثم الحصول على بيانات من أفراد متواجدين وفاعلين في مناطق الدراسة ومقاطعة البيانات على أكثر من مستوى للتحقق من مصداقيتها ومقاربة الظواهر الجديدة التي ولدتها األزمة من الجوانب الديمغرافية واالقتصادية واالجتماعية والمؤسسية. وتم في هذا اإلطار إجراء مشاورات مع باحثين من اختصاصات مختلفة لالتفاق على اإلطار الفني للتنفيذ. ومن ثم تم إعداد أدوات البحث المتمثلة باستمارة البحث ودليل الباحث ودليل الدمج وتقرير الحاالت الطارئة بما يخدم غرض البحث. كما تم التشاور حول آلية الوصول إلى المناطق الساخنة وضمان تغطية كامل المحافظات. ونفذ المسح بالشراكة بين الهيئة السورية لشؤون األسرة والسكان والمكتب المركزي لإلحصاء وفريق من الباحثين المستقلين وبالتعاون مع العديد من الجهات العامة مثل هيئة التخطيط والتعاون الدولي وصندوق المعونة االجتماعية وبعض المنظمات غير الحكومية مثل منظمة الهالل األحمر العربي السوري. ويغطي البحث كافة السكان المقيمين والنازحين على كامل مساحة سوريا. ون ف ذ العمل الميداني من خالل أسئلة توجه إلى أشخاص مفتاحيين في مناطقهم مع األخذ بعين االعتبار النقاط التالية: - وحدة الدراسة الجغرافية هي "الناحية" في كافة المناطق والمحافظات السورية و"الحي" بالنسبة لمراكز المدن وتم مقابلة ثالثة أشخاص مفتاحيين في كل منطقة مدروسة. - استشارة منسق الفريق في المحافظة والفريق المركزي حول مدى تجانس الناحية وفي حال عدم تجانسها تم فصل الناحية إلى أكثر من منطقة مدروسة )على أساس مجموعات من القرى( ونفذ المسح على هذا األساس. وتعتمد معايير عدم التجانس بين النواحي على آثار األزمة في الجوانب اإلنسانية والمادية. - تخصيص قائمة لمشاهدات الباحث ترفق باالستمارة في حال عدم قدرته على الوصول الفيزيائي نتيجة لخطورة الوضع األمني تم

91 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 91 االعتماد على البيانات الثانوية للتدقيق واألساس هو تواجد الباحث والشخص المفتاحي في المنطقة المدروسة. - نفذ العمل الميداني في المناطق الساخنة من خالل: االعتماد على باحثين من المناطق المدروسة إن أمكن مقابلة أشخاص مطلعين على األوضاع ويمكنهم إجراء المقابلة خارج المنطقة مقابلة شخصية أو الكترونية أو هاتفية تواصل دائم خالل فترة المسح لرصد ديناميكية الحالة - تشمل معايير اختيار األشخاص المفتاحيين ضرورة معرفتهم بالمنطقة المدروسة وموضوعيتهم بغض النظر عن انتماءاتهم وأن تتوفر لهم قدرة الحصول على معلومات وبيانات حديثة تتعلق بالمحاور المدروسة )اقتصادية اجتماعية ديمغرافية مؤسساتية( وحددت معايير األشخاص المفتاحيين بالنقاط التالية: من أبناء المحافظة ومن األفضل أن يكون مقيم في المنطقة المدروسة االهتمام والمعرفة بأوضاع المنطقة المدروسة تمثيل المجتمع المحلي تمثيل خلفيات فكرية ومهنية متنوعة الخبرة واالنخراط في مجال العمل للصالح العام تمثيل المرأة والفئات العمرية المختلفة فريق العمل في المسح يتألف فريق العمل من خبراء وباحثين ومختصين وإداريين وممثلين عن الشركاء في البحث ويتضمن الفريق ثالث مجموعات عمل أساسية هي فريق العمل البحثي وفريق العمل الميداني وفريق العمل التقني. ويتضمن الفريق الميداني فرق المحافظات وتتألف من منسق الفريق وعدد من الباحثين الميدانيين وخضعت الفرق للتدريب من قبل الفريق البحثي ومهام الفريق الميداني هي: - تحديد خطة العمل من حيث إطار العمل والخطة الزمنية بالتنسيق مع الفريق البحثي. - تحديد نطاق العمل من حيث المناطق الجغرافية والبيانات المتوفرة عنه في كل محافظة بناء على مقترح أولي من قبل الفريق البحثي. - جمع البيانات والمعلومات الثانوية المتوافرة عن المحافظة. - ترشيح األشخاص المفتاحيين وفق المعايير المتفق عليها مع الفريق المركزي. - إجراء المقابالت مع األشخاص المفتاحيين وااللتزام بدليل الباحث وكتابة قائمة المشاهدات. - تقارير الحاالت الطارئة في حال حدوثها بالتنسيق مع الفريق البحثي. - تزويد الفريق البحثي بكافة المعلومات والبيانات التي تم الحصول عليها مدققة. تم اعتماد معايير الختيار الباحثين في المسح الذي يعد بحثا غير تقليدي ويتم في ظروف معقدة وخطرة وتم تكوين الفرق من خالل اختيار باحثي المكتب المركزي لإلحصاء كما تم دعوة الباحثين المستقلين المهتمين في المشاركة إضافة إلى متطوعين من جهات مختلفة وتم االختيار مكتبيا في المرحلة األولى ثم تم االختيار النهائي بعد الدورات التدريبية. وتتمثل معايير اختيار الباحثين بأن يكون من المقيمين في المحافظة المدروسة وحاصل على الشهادة الثانوية على األقل ولديه خبرة في العمل البحثي واإلحصائي والميداني خاصة في العلوم االجتماعية إضافة إلى الموضوعية واألمانة العلمية والرغبة في العمل التطوعي والقدرة على التواصل. تم تقييم دوري ألداء الفرق من قبل الفريق المركزي الذي قام بمتابعة يومية عن بعد وأجرى عدة زيارات ميدانية للتحقق. كما اهتم مشرفو المحافظات بمتابعة أداء الباحثين وقد تم على سبيل المثال استبعاد جزء كبير من فريق إحدى المحافظات وتم

92 المركز السوري لبحوث السياسات 92 إعادة تشكيل الفريق كما تم استبعاد عدة باحثين لم يلتزموا بمعايير األداء. وتم تقييم آخر لعمل الفرق أثناء مرحلة تدقيق االستمارات والتي ترتب عليها إعادة بعض االستمارات إلى الميدان واستبعاد بعض الباحثين. أقيمت أربع ورشات عمل مكثفة للتدريب على آلية تنفيذ المسح تم خاللها توضيح أهداف تقرير حالة السكان والمسح ومنهجية العمل وشرح االستمارة ودليل الباحث بشكل تفاعلي كما تم توضيح آلية وقواعد الدمج وأخالقيات البحث. وزود الباحثون بالبيانات الثانوية عن المناطق المدروسة والذي تضمن معلومات عن السكان والتعليم والتركيب العمري والنوعي والعالقة مع سوق العمل وإنفاق األسرة والمنشآت قبل األزمة لفهم المنطقة المدروسة وأجري تجارب أولية على اختيار المناطق المدروسة. أدوات المسح است خدم عدة أدوات للمسح أولها المعلومات والبيانات الثانوية والتي تتضمن كافة اإلصدارات والدراسات والتقارير الرسمية وغير الرسمية المتعلقة بالمنطقة المدروسة. وقد عمل فريق البحث على االستفادة من البيانات الثانوية من مصادر مختلفة خاصة من المكتب المركزي لإلحصاء لفترة ما قبل األزمة حيث تم العمل على مسوح قوة العمل ودخل ونفقات األسرة والوضع الصحي األسري والمنشآت الصناعية والتعدادات السكانية إضافة إلى البيانات المتعلقة بالحسابات القومية والتعليم وبيانات السجالت المدنية. أما األداة الرئيسية للمسح فكانت االستمارة والتي تحتوي أسئلة نوعية تم تحضيرها وفق المحاور الرئيسية للبحث وبالتالي تغطية الجوانب الديمغرافية واالقتصادية واالجتماعية والمؤسساتية وقد تم تصميمها من قبل الفريق البحثي والتقني وبمشاركة فرق المحافظات بما يضمن واقعيتها وتوفيرها للبيانات والمؤشرات المستهدفة في البحث. وقد تم تطوير األسئلة ودليل الباحث التفصيلي من قبل الفريق البحثي والتقني بما يضمن التوصيف الدقيق لألسئلة. وتضمنت االستمارة قسم يحوي قائمة مالحظات الباحث وأ عدت بحيث يتمكن الباحث من تدوين الظواهر والمؤشرات البارزة في المنطقة المدروسة والتي تمكن من المقارنة مع إجابات األشخاص المفتاحيين كوسيلة للتحقق. يذكر بأن كل استمارة ت مأل بالكامل من قبل شخص مفتاحي واحد وليس من أكثر من شخص ويحق للشخص المفتاحي جمع المعلومات ممن يراه مناسبا لكن ال يقوم الباحث بسؤال أكثر من شخص مفتاحي الستكمال نفس االستمارة. بعد إعداد االستمارات الثالث لكل منطقة مدروسة ت دمج هذه االستمارات في استمارة جديدة وفق دليل دمج االستمارات من قبل مشرف فريق المحافظة والباحثين المعنيين في المنطقة المدروسة. وفي حال وجود تناقض في أي من األسئلة النوعية أو فوارق كبيرة في الكمية أو في الشرح يتم العودة لألشخاص المفتاحيين للتأكد وفي حال استمر التناقض في النتائج تم تنفيذ استمارات إضافية لمقاربة أكثر موضوعية عن واقع المنطقة المدروسة. يهدف تنفيذ الدمج من قبل الفريق الميداني إلى تجنب االعتماد على المتوسطات الحسابية واستبعاد االستمارات التي تظهر تحيزا أو نقصا في فهم وتشخيص حالة المنطقة المدروسة من الميدان وقبل إدخال البيانات. كما تم توجيه الفرق بتحضير تقرير الحاالت الطارئة ووظيفته رصد التغيرات التي حدثت بالمنطقة المدروسة ضمن فترة البحث وبعد استكمال االستمارات عن المنطقة وبالتالي تحديث المعطيات التي تغيرت نتيجة الظروف االستثنائية. كما أعد الفريق البحثي مدونة أخالقيات البحث وهي مجموعة من الشروط التي يتوجب االلتزام بها من قبل المشاركين بالمسح لضمان سرية البيانات وسالمة الباحثين واألشخاص المفتاحيين وموضوعية النتائج. تنفيذ العمل الميداني عمل في المسح الميداني أكثر من 250 باحث وخبير ومشرف ومدقق ومرمز ومبرمج ومساعد إداري موزعين بين الفريق البحثي والفريق التقني والفريق الميداني. قام كل فريق بتحديد المناطق

93 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 93 المدروسة انطالقا من مستوى الناحية واألحياء ضمن مراكز المحافظات مع إمكانية تجزئة الناحية في حال عدم وجود تجانس في الناحية المدروسة من ناحية آثار األزمة. وقد بلغ عدد المناطق المدروسة 698 منطقة مدروسة موزعة على المحافظات )الجدول أ( الذي ي ظهر زيادة أعداد المناطق في المحافظات األوسع انتشارا وأكثر سكانا وأكثر تأثرا بالنتائج السلبية لألزمة. اختير األشخاص المفتاحيين من قبل فرق المحافظات بما يراعي المعايير المطلوبة وتواصلوا معهم وفي حالة اعتذار الشخص المفتاحي قبل بدء المقابالت أو عدم استكمال االستمارة يتم اختيار شخص مفتاحي بديل حتى يتم الوصول إلى ثالثة أشخاص مفتاحيين لكل منطقة مع مراعاة الحفاظ على سالمة وأمان الشخص المفتاحي وعدم تعرضه للمخاطر في ظل الظروف القاسية التي تمر بها البالد. وواجهت الفرق تحدي اختيار أشخاص مفتاحيين من خلفيات فكرية وثقافية وسياسية متنوعة وغير مستقطبين أو منخرطين في العنف. الجدول أ: توزيع المناطق المدروسة واالستمارات ومدة مقابالت الشخص المفتاحي حسب المحافظات المناطق المدروسة إجمالي عدد االستمارات متوسط مدة المقابلة )شخص مفتاحي/ساعة( دمشق حلب ريف دمشق حمص حماة الالذقية ادلب الحسكة دير الزور طرطوس الرقة درعا السويداء القنيطرة سوريا المصدر: مسح حالة السكان 2014 وحسابات المركز السوري لبحوث السياسات

94 المركز السوري لبحوث السياسات 94 وتم جمع ثالث استمارات من ثالثة أشخاص مفتاحيين مختلفين من كل منطقة مدروسة ما عدا الرقة حيث تعذر الحصول على ثالثة أشخاص مفتاحيين في كل مناطقها. ثم د مجت االستمارات من قبل الفريق الميداني في كل محافظة. يذكر بأن أحد شروط البحث عدم قيام باحث واحد بمقابلة األشخاص الثالثة المفتاحيين في نفس المنطقة لتجنب تحيز الباحث المنفذ. أ جريت معظم المقابالت بين الشهر الرابع والشهر السادس من عام 2014 بينما تطلبت بعض الحاالت العودة للميدان في الشهرين السابع والثامن. وتطلبت معظم االستمارات أكثر من مقابلة واحدة مع الشخص المفتاحي ووصلت إلى ثالث مقابالت نتيجة لطبيعة االستمارة المعقدة والتي تتطلب وقتا من األشخاص المفتاحيين لجمع وتدقيق المعلومات المطلوبة. استغرقت المقابالت وقتا طويال فقد بلغ وسطي وقت المقابالت لالستمارة 4.1 ساعة )جدول 2( األمر الذي تطلب جهودا كبيرة من الباحثين واألشخاص المفتاحيين وتفاوتت بين المحافظات والمناطق بحسب الظروف وال يتضمن هذا الوقت استمارة الدمج التي تمت من قبل فريق الباحثين في المحافظة. ي ذكر بأن المسح لم يقدم أي حوافز مادية لألشخاص المفتاحيين الذي خصصوا أوقاتا طويلة مشكورين الستكمال االستمارات. إن 52% من المقابالت ن فذت داخل المنطقة المدروسة و 48% خارجها وتعذر إجراء المقابالت داخل بعض المناطق المدروسة في محافظات دير الزور وحلب والرقة وريف دمشق وإدلب وحماة ودرعا والتي تعاني من ظروف قاهرة خالل األزمة. إن 95% من المقابالت تمت من خالل مقابلة شخصية مباشرة مع األشخاص المفتاحيين و 4% من خالل الهاتف و 1% فقط أ جريت كمقابالت الكترونية. وي مكن تفسير النسبة العالية للمقابالت الشخصية نتيجة المرونة في مكان المقابلة حيث أ تيح إجراء المقابلة خارج المنطقة المدروسة إذا تطلب األمر ذلك لكن في بعض المناطق تعذر التواصل المباشر مع األشخاص المفتاحيين مما دفع الستخدام الوسائل االلكترونية. وبلغ متوسط عمر األشخاص المفتاحيين 46 سنة على المستوى الوطني وتراوحت األعمار بين 19 و 83 سنة ويرتبط ذلك بمعايير األشخاص المفتاحيين من حيث عملهم في الشأن العام واطالعهم الواسع على المنطقة المدروسة. ولم يتحقق معيار الموازنة بين الجنسين في اختيار األشخاص المفتاحيين حيث بلغت نسبة اإلناث من إجمالي األشخاص المفتاحيين 8% فقط وي مكن تفسير ذلك بظروف األزمة من جهة والدور االجتماعي للنساء والذي يعاني من تحيز واضح اتجاههن. لكن فريق المسح حاول تحقيق توازن في تشكيل فرق عمل المحافظات إذ بلغت نسبة اإلناث % 39 من إجمالي الباحثين في هذه الفرق. وكان المستوى التعليمي لألشخاص المفتاحيين متقدما ويتسق ذلك إلى حد كبير مع معايير اختيار األشخاص المفتاحيين لما يتطلبه المسح من معرفة بجوانب مختلفة عن المنطقة المدروسة. إذ بلغت نسبة حملة الشهادات الجامعة والمعاهد 65% وحملة الشهادة الثانوية 23% وحملة شهادة التعليم األساسي 11% وشكل حملة الشهادة االبتدائية وما دون حوالي 1%. بعد االنتهاء من المقابالت مع األشخاص المفتاحيين تم دمج استمارات كل منطقة مدروسة باستمارة واحدة من قبل الفرق الميدانية في المحافظات وفق دليل الدمج وتم إرسال كافة االستمارات إلى الفريق البحثي. حيث تم تشكيل فرق للتدقيق التفصيلي لالستمارات وعملت هذه الفرق بطريقة جماعية لتدقيق مدى استكمال االستمارات والتزام بمعايير البحث ومعايير الدمج ومدى مطابقة الشرح النصي للبيانات الكمية واتساقها مع مالحظات الباحثين وفي حال وجود اختالالت كبرى كانت ت عاد االستمارات للميدان لتعديل المالحظات. أما في حالة االختالالت الطفيفة كان يتم التواصل هاتفيا

95 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 95 مع الفرق الميدانية إلجراء التعديالت. بعد ذلك عملت فرق الترميز على إعداد قوائم بالترميز لألسئلة ذات الصلة بما يسهل عملية اإلدخال وعملية التحليل الحقا مثل ترميز بند "أخرى" أو ترميز األنشطة االقتصادية الجديدة في المناطق المختلفة وإدماج الترميز في برنامج اإلدخال من قبل الفريق التقني. قام الفريق التقني في المكتب المركزي لإلحصاء بإعداد برمجية اإلدخال والذي تضمن بعض قواعد التحقق األولية. كما تم اإلدخال الرقمي من قبل فريق المكتب المركزي لإلحصاء لكافة االستمارات أي االستمارات الميدانية واستمارة الدمج كما تم اإلدخال النصي الستمارات الدمج. بعدها قام فريق البحث بتصميم برنامج للتحقق من دقة البيانات والدمج وتم إنتاج تقارير تفصيلية للمالحظات عمل فريق اإلدخال والفريق البحثي على تعديلها وفق القواعد المحددة أو من خالل العودة للفرق الميدانية. نتج عن المسح أكثر من مئة مؤشر لكل من المناطق المدروسة قابلة للتجميع على مستوى النواحي والمناطق والمحافظات والقطر. وتم تجهيز البرامج الالزمة لتحليل النتائج من قبل الفريق التقني والبحثي والتي تتضمن البيانات والمؤشرات لألقسام الديمغرافية واالقتصادية واألوضاع المعيشية والتعلم والصحة واالجتماعية والمؤسسية. وتم إنتاج وتدقيق البيانات من قبل الفريق البحثي والتقني على مستوى المناطق المدروسة. كما تم العمل على تحليل النتائج من قبل فريق فني متعدد االختصاصات في القضايا السكانية واالقتصادية واالجتماعية. وي ذكر أن التقرير استخدم برمجيات إلدخال البيانات )CSpro( وإنتاج المؤشرات )21 )SPSS وتحليل البيانات )7 )Stata,12 Eviews كما تم استخدام Population و) Analysis )MORTPAK 4.3( )System PAS إلجراء التحليل واإلسقاطات الديمغرافية إضافة إلى ) )ArcGIS للخرائط. بشكل عام يتسم التقرير باعتماده منهجية موسعة لمقاربة القضية السكانية تعتمد الحقوق أساسا لها وتتبنى مفهوم التنمية الموسع كتوسيع لخيارات البشر وعدالة الفرص والحق في التمكين والمشاركة. كما اعتمد على جهود مجموعة كبيرة من الخبراء لمراجعة القضايا الرئيسية المتعلقة بالقضية السكانية قبل األزمة. وتم العمل في ظروف األزمة المعقدة والسعي لتطوير المنهجية واألدوات بما يعكس التحديات التي نتجت عنها. كما نفذ مسح ميداني شامل من حيث التغطية الجغرافية والقضايا التي تناولها. كما اعتمد على نتائج العمل الميداني بشكل أساسي في تشخيص حالة السكان أثناء األزمة من مختلف الجوانب التنموية مستفيدا من األدبيات ذات الصلة واألوراق الخلفية المعمقة التي تم إعدادها في إطار هذا البحث.

96 المركز السوري لبحوث السياسات ملحق )2(: دليل رأس المال االجتماعي ومكوناته حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( 96 قبل األزمة أثناء األزمة دليل رأس المال االجتماعي مكون الشبكات المكونات الرئيسية مكون الثقة مكون القيم دليل رأس المال االجتماعي مكون الشبكات المكونات الرئيسية مكون الثقة مكون القيم دمشق حلب ريف دمشق حمص حماة الالذقية ادلب الحسكة دير الزور طرطوس الرقة درعا السويداء القنيطرة سوريا المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

97 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 97 ملحق )3(: مكون الشبكات والمشاركة المجتمعية حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( قبل األزمة أثناء األزمة مكون الشبكات المؤشرات الفرعية لمكون الشبكات مشاركة المرأة المشاركة التطوع التعاون مكون الشبكات مشاركة المرأة المؤشرات الفرعية لمكون الشبكات المشاركة التطوع التعاون دمشق حلب ريف دمشق حمص حماة الالذقية ادلب الحسكة دير الزور طرطوس الرقة درعا السويداء القنيطرة سوريا المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

98 المركز السوري لبحوث السياسات ملحق )4(: مكون الثقة حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( 98 قبل األزمة أثناء األزمة مكون الثقة المؤشرات الفرعية لمكون الثقة األمان الثقة بين األفراد مكون الثقة المؤشرات الفرعية لمكون الثقة األمان الثقة بين األفراد دمشق حلب ريف دمشق حمص حماة الالذقية ادلب الحسكة دير الزور طرطوس الرقة درعا السويداء القنيطرة سوريا المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

99 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 99 ملحق )5(: مكون القيم والعادات حسب المحافظات )قبل وأثناء األزمة( قبل األزمة أثناء األزمة المؤشرات الفرعية لمكون القيم المؤشرات الفرعية لمكون القيم دليل القيم رؤية المنطقة رؤية سوريا مكانة الم رأة دليل القيم رؤية المنطقة رؤية سوريا مكانة المرأة دمشق حلب ريف دمشق حمص حماة الالذقية ادلب الحسكة دير الزور طرطوس الرقة درعا السويداء القنيطرة سوريا المصدر: المركز السوري لبحوث السياسات

100 100 المركز السوري لبحوث السياسات

101 أثر النزاع في رأس المال االجتماعي 101

102 scpr-syria.org